مُحَمَّدٍ بِذَلِكَ، فَانْتَهَى إِلَيْهِ لَيْلًا، فَاسْتُؤْذِنَ لَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ بِدَارِ مَرْوَانَ، فَطَرَقَ بَابَهَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ طَوَارِقِ اللَّيْلِ إِلَّا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ. ثُمَّ خَرَجَ فَأَخْبَرَهُ عَنْ أَخِيهِ بِذَلِكَ، فَاسْتَبْشَرَ جِدًّا، وَفَرِحَ كَثِيرًا، وَكَانَ يَقُولُ لِلنَّاسِ بَعْدَ صَلَاتَيِ الصُّبْحِ وَالْمَغْرِبِ: ادْعُوا اللَّهَ لِإِخْوَانِكُمْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَلِلْحَسَنِ بْنِ مُعَاوِيَةَ بِمَكَّةَ، وَاسْتَنْصِرُوهُ عَلَى أَعْدَائِكُمْ.
وَأَمَّا أَبُو جَعْفَرٍ، فَإِنَّهُ جَهَّزَ الْجُيُوشَ إِلَى مُحَمَّدٍ صُحْبَةَ عِيسَى بْنِ مُوسَى أَرْبَعَةَ آلَافِ فَارِسٍ مِنَ الشُّجْعَانِ الْمُنْتَخَبِينَ، مِنْهُمْ; مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّفَّاحِ، وَحُمَيْدُ بْنُ قَحْطَبَةَ، وَجَعْفَرُ بْنُ حَنْظَلَةَ الْبَهْرَانِيُّ، وَكَانَ الْمَنْصُورُ قَدِ اسْتَشَارَهُ فِيهِ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، ادْعُ مَنْ شِئْتَ مِمَّنْ تَثِقُ بِهِ مِنْ مَوَالِيكَ، فَيَنْزِلُ وَادِيَ الْقُرَى فَيَمْنَعُهُ مِيرَةَ الشَّامِ، فَيَمُوتُ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ جُوعًا، فَإِنَّهُ بِبَلَدٍ لَيْسَ فِيهِ مَالٌ وَلَا رِجَالٌ وَلَا كُرَاعٌ وَلَا سِلَاحٌ. وَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ كُثَيِّرَ بْنَ الْحُصَيْنِ الْعَبْدِيَّ، وَقَدْ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْمَنْصُورُ لِعِيسَى بْنِ مُوسَى حِينَ وَدَّعَهُ: يَا عِيسَى، إِنِّي أَبْعَثُكَ إِلَى مَا بَيْنَ جَنْبَيَّ هَذَيْنِ، فَإِنْ ظَفِرْتَ بِالرَّجُلِ، فَشِمْ سَيْفَكَ، وَنَادِ فِي النَّاسِ بِالْأَمَانِ، وَإِنْ تَغَيَّبَ فَضَمِّنْهُمْ إِيَّاهُ حَتَّى يَأْتُوكَ بِهِ، فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ بِمَذَاهِبِهِ. وَكَتَبَ مَعَهُ كِتَابًا إِلَى رُؤَسَاءِ قُرَيْشٍ وَالْأَنْصَارِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَدْفَعُهَا إِلَيْهِمْ خُفْيَةً، يَدْعُوهُمْ إِلَى الرُّجُوعِ إِلَى الطَّاعَةِ، فَلَمَّا اقْتَرَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute