[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا خَرَجَ الْمُتَّقِي لِلَّهِ مِنْ بَغْدَادَ إِلَى الْمَوْصِلِ مُغَاضِبًا لِتُوزُونَ أَمِيرِ الْأُمَرَاءِ، وَكَانَ إِذْ ذَاكَ بِوَاسِطٍ، وَقَدْ زَوَّجَ ابْنَتَهُ مِنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْبَرِيدِيِّ، وَصَارَا يَدًا وَاحِدَةً عَلَى الْخَلِيفَةِ، وَأَرْسَلَ ابْنُ شِيرَزَادَ فِي ثَلَاثِمِائَةٍ إِلَى بَغْدَادَ فَأَفْسَدَ فِيهَا وَقَطَعَ وَوَصَلَ، وَاسْتَقَلَّ بِالْأُمُورِ مِنْ غَيْرِ مُرَاجَعَةِ الْمُتَّقِي لِلَّهِ فَغَضِبَ الْمُتَّقِي، وَخَرَجَ مِنْهَا مُغَاضِبًا بِأَهْلِهِ وَأَوْلَادِهِ وَوَزِيرِهِ وَمَنِ اتَّبَعَهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَأَعْيَانِ أَهْلِ بَغْدَادَ قَاصِدًا بَنِي حَمْدَانَ، فَتَلَقَّاهُ سَيْفُ الدَّوْلَةِ إِلَى تَكْرِيتَ ثُمَّ جَاءَهُ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ وَهُوَ بِتَكْرِيتَ أَيْضًا، وَحِينَ خَرَجَ الْمُتَّقِي مِنْ بَغْدَادَ أَكْثَرَ ابْنُ شِيرَزَادَ الْفَسَادَ، وَظَلَمَ أَهْلَهَا وَصَادَرَهُمْ، وَأَرْسَلَ يُعْلِمُ تُوزُونَ فَأَقْبَلَ مُسْرِعًا نَحْوَ تَكْرِيتَ فَتَوَاقَعَ هُوَ وَسَيْفُ الدَّوْلَةِ، فَهَزَمَ تُوزُونُ سَيْفَ الدَّوْلَةِ، وَأَخَذَ مُعَسْكَرَهُ وَمُعَسْكَرَ أَخِيهِ نَاصِرِ الدَّوْلَةِ، ثُمَّ كَرَّ إِلَيْهِ سَيْفُ الدَّوْلَةِ، فَهَزَمَهُ تُوزُونُ أَيْضًا، وَانْهَزَمَ الْخَلِيفَةُ الْمُتَّقِي وَنَاصِرُ الدَّوْلَةِ وَسَيْفُ الدَّوْلَةِ مِنَ الْمَوْصِلِ إِلَى نَصِيبِينَ وَجَاءَ تُوزُونُ، فَدَخَلَ الْمَوْصِلَ وَأَرْسَلَ إِلَى الْخَلِيفَةِ يَطْلُبُ رِضَاهُ، فَأَرْسَلَ الْخَلِيفَةُ، يَقُولُ: لَا سَبِيلَ إِلَى ذَلِكَ إِلَّا أَنْ تُصَالِحَ بَنِي حَمْدَانَ. فَاصْطَلَحُوا، وَضَمِنَ نَاصِرُ الدَّوْلَةِ بِلَادَ الْمَوْصِلِ بِثَلَاثَةِ آلَافِ أَلْفٍ وَسِتِّمِائَةِ أَلْفٍ، وَرَجَعَ تُوزُونُ إِلَى بَغْدَادَ وَأَقَامَ الْخَلِيفَةُ عِنْدَ بَنِي حَمْدَانَ.
وَفِي غَيْبَةِ تُوزُونَ عَنْ وَاسِطٍ أَقْبَلَ إِلَيْهَا مُعِزُّ الدَّوْلَةِ بْنُ بُوَيْهِ فِي خَلْقٍ مِنَ الدَّيْلَمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute