للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَرْبِعَاءِ وَقَدْ بَقِيَ مِنْ رَمَضَانَ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، وَقِيلَ: بَلْ قُتِلَ فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ لِخَمْسٍ بَقِينَ مِنْ رَمَضَانَ. وَيُقَالُ: بَلْ كَانَ ذَلِكَ فِي شَعْبَانَ. وَقَدْ نَزَلَ عِنْدَ عَيْنٍ تَحْتَ شَجَرَةِ إِنْجَاصٍ، وَقَدْ وُضِعَتْ سُفْرَتُهُ لِيَتَغَدَّى وَمَعَهُ وَلَدُهُ مُحَسَّدٌ وَخَمْسَةَ عَشَرَ غُلَامًا لَهُ، فَلَمَّا رَآهُمْ قَالَ: هَلُمُّوا يَا وُجُوهَ الْعَرَبِ. فَلَمَّا لَمْ يُكَلِّمُوهُ أَحَسَّ بِالشَّرِّ، فَنَهَضَ إِلَى سِلَاحِهِ وَخَيْلِهِ، فَتَوَاقَفُوا سَاعَةً، فَقُتِلَ ابْنُهُ مُحَسَّدٌ وَبَعْضُ غِلْمَانِهِ، وَأَرَادَ هُوَ أَنْ يَنْهَزِمَ، فَقَالَ لَهُ مَوْلًى لَهُ: أَيْنَ تَذْهَبُ، وَأَنْتَ الْقَائِلُ:

فَالْخَيْلُ وَاللَّيْلُ وَالْبَيْدَاءُ تَعْرِفُنِي ... وَالْحَرْبُ وَالضَّرْبُ وَالْقِرْطَاسُ وَالْقَلَمُ

فَقَالَ: وَيْحَكَ! قَتَلْتَنِي. ثُمَّ كَرَّ رَاجِعًا، فَطَعَنَ زَعِيمَ الْقَوْمِ بِرُمْحٍ فِي عُنُقِهِ فَقَتَلَهُ، فَاجْتَمَعُوا عَلَيْهِ فَشَجَرُوهُ بِالرِّمَاحِ حَتَّى قَتَلُوهُ، وَأَخَذُوا جَمِيعَ مَا كَانَ مَعَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ، وَذَلِكَ بِالْقُرْبِ مِنَ النُّعْمَانِيَّةِ، وَهُوَ آيِبٌ إِلَى بَغْدَادَ وَدُفِنَ هُنَالِكَ، وَلَهُ مِنَ الْعُمُرِ ثَمَانٍ وَأَرْبَعُونَ سَنَةً.

وَذَكَرَ ابْنُ عَسَاكِرَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ فِي الْمَنْزِلَةِ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ مَنْزِلَتِهِ هَذِهِ ; سَأَلَهُ بَعْضُ الْأَعْرَابِ أَنْ يُعْطِيَهُمْ خَمْسِينَ دِرْهَمًا وَيَخْفِرُونَهُ، فَمَنَعَهُ الشُّحُّ وَالْكِبْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>