للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَدِ مِائَةَ ثَوْبٍ دِيبَاجًا، وَقَصَبَاتٍ مِنْ ذَهَبٍ، وَطَاسَةَ ذَهَبٍ قَدْ نَبَتَ فِيهَا الْجَوْهَرُ وَالْيَاقُوتُ وَالْفَيْرُوزَجُ، وَأَقْطَعَهَا فِي كُلِّ سَنَةٍ مِنْ عَمَلِ الْفُرَاتِ اثْنَيْ عَشْرَ أَلْفَ دِينَارٍ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ أَمَرَ السُّلْطَانُ طُغْرُلْبَكُ بِبِنَاءِ دَارِ الْمُلْكِ الْعَضُدِيَّةِ، فَخَرِبَتْ مَحَالٌّ كَثِيرَةٌ فِي عِمَارَتِهَا، وَنَهَبَتِ الْعَامَّةُ أَخْشَابًا كَثِيرَةً بِسَبَبِهَا مِنْ دُورِ الْأَتْرَاكِ وَالْجَانِبِ الْغَرْبِيِّ، وَبَاعُوهُ عَلَى الْخَبَّازِينَ وَغَيْرِهِمْ.

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَقَعَ غَلَاءٌ شَدِيدٌ وَخَوْفٌ وَنَهْبٌ كَثِيرٌ بِبَغْدَادَ، ثُمَّ عَقِبَ ذَلِكَ فَنَاءٌ عَظِيمٌ بِحَيْثُ دُفِنَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ بِغَيْرِ غَسْلٍ وَلَا تَكْفِينٍ، وَغَلَتِ الْأَشْرِبَةُ وَمَا يَحْتَاجُ إِلَيْهِ الْمَرْضَى كَثِيرًا، وَاغْبَرَّ الْجَوُّ، وَفَسَدَ الْهَوَاءُ، وَكَثُرَ الذُّبَابُ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي " مُنْتَظَمِهِ ": وَعَمَّ هَذَا الْوَبَاءُ وَالْغَلَاءُ مَكَّةَ وَالْحِجَازَ وَدِيَارَ بَكْرٍ وَالْمَوْصِلَ وَبِلَادَ الرُّومِ وَخُرَاسَانَ وَالْجِبَالَ وَالدُّنْيَا كُلَّهَا. هَذَا لَفَظُهُ فِي " الْمُنْتَظَمِ ". قَالَ: وَوَرَدَ كِتَابٌ مِنْ مِصْرَ أَنَّ ثَلَاثَةً مِنَ اللُّصُوصِ نَقَبُوا بَعْضَ الدُّورِ، فَوُجِدُوا عِنْدَ الصَّبَاحِ مَوْتَى ; أَحَدُهُمْ عَلَى بَابِ النَّقْبِ، وَالثَّانِي عَلَى رَأْسِ الدَّرَجَةِ، وَالثَّالِثُ عَلَى الثِّيَابِ الْمُكَوَّرَةِ.

وَفِيهَا أَمَرَ رَئِيسُ الرُّؤَسَاءِ بِأَنْ تُنْصَبُ أَعْلَامٌ سُودٌ فِي الْكَرْخِ، فَانْزَعَجَ أَهْلُهُ لِذَلِكَ، وَكَانَ كَثِيرَ الْأَذِيَّةِ لِلرَّافِضَةِ، وَإِنَّمَا كَانَ يُدَافِعُ عَنْهُمْ عَمِيدُ الْمُلْكِ

<<  <  ج: ص:  >  >>