للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَتَلَهُ، كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانَهُ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: كَتَبَ الْمَنْصُورُ إِلَى أَبِي مُسْلِمٍ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ يَرِينُ عَلَى الْقُلُوبِ، وَتَطْبَعُ عَلَيْهَا الْمَعَاصِي، فَقَعْ أَيُّهَا الطَّائِرُ، وَأَفِقْ أَيُّهَا السَّكْرَانُ، وَانْتَبِهْ أَيُّهَا الْحَالِمُ، فَإِنَّكَ مَغْرُورٌ بِأَضْغَاثِ أَحْلَامٍ كَاذِبَةٍ، وَفِي بَرْزَخِ دُنْيَا قَدْ غَرَّتْ مَنْ قَبْلَكَ، وَسُمَّ بِهَا سَوَالِفُ الْقُرُونِ، {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزًا} [مريم: ٩٨] . وَإِنَّ اللَّهَ لَا يُعْجِزُهُ مَنْ هَرَبَ، وَلَا يَفُوتُهُ مَنْ طَلَبَ، وَلَا تَغْتَرَّ بِمَنْ مَعَكَ مِنْ شِيعَتِي وَأَهْلِ دَعْوَتِي، فَكَأَنَّهُمْ قَدْ صَاوَلُوكَ، إِنْ أَنْتَ خَلَعْتَ الطَّاعَةَ، وَفَارَقْتَ الْجَمَاعَةَ، بَدَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ تَكُنْ تَحْتَسِبُ، مَهْلًا مَهْلًا، احْذَرِ الْبَغْيَ أَبَا مُسْلِمٍ; فَإِنَّهُ مَنْ بَغَى وَاعْتَدَى تَخَلَّى اللَّهُ مِنْهُ، وَنَصَرَ عَلَيْهِ مَنْ يَصْرَعُهُ لِلْيَدَيْنِ وَالْفَمِ، وَاحْذَرْ أَنْ تَكُونَ سُنَّةً فِي الَّذِينَ قَدْ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ، فَقَدْ قَامَتِ الْحُجَّةُ، وَأَعْذَرْتُ إِلَيْكَ وَإِلَى أَهْلِ طَاعَتِي فِيكَ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} [الأعراف: ١٧٥]

[الْأَعْرَافِ: ١٧٥] . فَأَجَابَهُ أَبُو مُسْلِمٍ: أَمَّا بَعْدُ; فَقَدْ قَرَأْتُ كِتَابَكَ، فَرَأَيْتُكَ فِيهِ لِلصَّوَابِ مُجَانِبًا، وَعَنِ الْحَقِّ حَائِدًا، إِذْ تَضْرِبُ فِيهِ الْأَمْثَالَ عَلَى غَيْرِ أَشْكَالِهَا، وَتَضْرِبُ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>