وَرَوَى مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُنِيبٍ، عَنْهُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَرَادَ هَوَانَ قُرَيْشٍ أَهَانَهُ اللَّهُ» .
وَقَدْ كَانَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ الصَّائِغُ مِنْ أَصْحَابِهِ وَجُلَسَائِهِ فِي زَمَنِ الدَّعْوَةِ، وَكَانَ يَعِدُهُ إِذَا ظَهَرَ أَنْ يُقِيمَ الْحُدُودَ وَالْعَدْلَ، فَلَمَّا تَمَكَّنَ أَبُو مُسْلِمٍ مَا زَالَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَيْمُونٍ يُلِحُّ عَلَيْهِ فِي الْقِيَامِ بِمَا وَعَدَهُ بِهِ حَتَّى أَحْرَجَهُ، فَضَرَبَ عُنُقَهُ بَعْدَمَا قَالَ لَهُ: هَلَّا كُنْتَ تُنْكِرُ عَلَى نَصْرِ بْنِ سَيَّارٍ وَهُوَ يَعْمَلُ أَوَانِيَ الْخَمْرِ مِنَ الذَّهَبِ فَيَبْعَثُهَا إِلَى بَنِي أُمَيَّةَ؟ ! فَقَالَ لَهُ: إِنَّ أُولَئِكَ لَمْ يَعِدُونِي مِنْ أَنْفُسِهِمْ مَا وَعَدْتَنِي أَنْتَ. وَقَدْ رَأَى بَعْضُهُمْ فِي الْمَنَامِ لِإِبْرَاهِيمَ مَنَازِلَ عَالِيَةً فِي الْجَنَّةِ; بِصَبْرِهِ عَلَى الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ، رَحِمَهُ اللَّهُ.
وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا اعْتَمَدَهُ أَبُو مُسْلِمٍ فِي أَيَّامِ السَّفَّاحِ مِنَ الطَّاعَةِ الْأَكِيدَةِ لَهُ، وَالْمُبَادَرَةِ إِلَى أَوَامِرِهِ، وَامْتِثَالِ مَرَاسِيمِهِ، ثُمَّ لَمَّا صَارَ الْأَمْرُ إِلَى الْمَنْصُورِ اسْتَخَفَّ بِهِ وَاحْتَقَرَهُ، وَمَعَ هَذَا كَسَرَ عَمَّهُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَلِيٍّ حِينَ دَعَا إِلَى نَفْسِهِ بِالشَّامِ، فَاسْتَنْقَذَهَا مِنْهُ وَرَدَّهَا إِلَى حُكْمِ الْمَنْصُورِ، ثُمَّ شَمَخَتْ نَفْسُهُ عَلَى الْمَنْصُورِ، وَهَمَّ بِقَلْعِهِ، فَفَطِنَ لِذَلِكَ الْمَنْصُورُ مَعَ مَا كَانَ مُبْطِنًا لَهُ مِنَ الْبِغْضَةِ، وَقَدْ سَأَلَ أَخَاهُ السَّفَّاحَ غَيْرَ مَرَّةٍ أَنْ يَقْتُلَهُ فَيَصْدِفَ عَنْ ذَلِكَ، وَذَكَرْنَا أَيْضًا مَا كَانَ مِنْ أَمْرِ أَبِي مُسْلِمٍ وَالْمَنْصُورِ مِنَ الْمُرَاسَلَاتِ وَالْمُكَاتَبَاتِ، حِينَ اسْتَوْحَشَ مِنْهُ الْمَنْصُورُ وَاتَّهَمَهُ بِسُوءِ النِّيَّةِ، وَمَا زَالَ يُرَاسِلُهُ وَيَسْتَدْعِيهِ وَيَخْدَعُهُ وَيُمَاكِرُهُ حَتَّى اسْتَحْضَرَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute