قَالُوا: وَانْتَفَضَ عَبْدُ الْمَلِكِ بَعْدَمَا ذَبَحَهُ كَمَا تَنْتَفِضُ الْقَصَبَةُ بِرِعْدَةٍ شَدِيدَةٍ جِدًّا، بِحَيْثُ إِنَّهُمْ مَا رَفَعُوهُ عَنْ صَدْرِهِ إِلَّا مَحْمُولًا، فَوَضَعُوهُ عَلَى سَرِيرِهِ وَهُوَ يَقُولُ: مَا رَأَيْتُ مِثْلَ هَذَا قَطُّ قِتْلَةً، صَاحِبُ دُنْيَا وَلَا طَالِبُ آخِرَةٍ. وَدَفَعَ الرَّأْسَ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أُمِّ الْحَكَمِ، فَخَرَجَ بِهِ لِلنَّاسِ فَأَلْقَاهُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ، وَخَرَجَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مَرْوَانَ وَمَعَهُ الْبِدَرُ مِنَ الْأَمْوَالِ تُحْمَلُ، فَأُلْقِيَتْ بَيْنَ النَّاسِ فَجَعَلُوا يَخْتَطِفُونَهَا، وَيُقَالُ: إِنَّهَا اسْتُرْجِعَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ النَّاسِ إِلَى بَيْتِ الْمَالِ. وَيُقَالُ إِنَّ الَّذِي وَلِيَ قَتْلَ عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ مَوْلَى عَبْدِ الْمَلِكِ أَبُو الزُّعَيْزِعَةِ بَعْدَمَا خَرَجَ عَبْدُ الْمَلِكِ إِلَى الصَّلَاةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ دَخَلَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ أَخُو عَمْرِو بْنِ سَعِيدٍ دَارَ الْإِمَارَةِ، بَعْدَ مَقْتَلِ أَخِيهِ، بِمَنْ مَعَهُ، فَقَامَ إِلَيْهِمْ بَنُو مَرْوَانَ فَاقْتَتَلُوا، وَجُرِحَ جَمَاعَاتٌ مِنَ الطَّائِفَتَيْنِ، وَجَاءَتْ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ صَخْرَةٌ فِي رَأْسِهِ أَشْغَلَتْهُ عَنْ نَفْسِهِ، وَعَنِ الْقِتَالِ، ثُمَّ إِنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ مَرْوَانَ خَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ فَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَجَعَلَ يَقُولُ: وَيْحَكُمُ أَيْنَ الْوَلِيدُ؟ وَأَبِيهِمْ لَئِنْ كَانُوا قَتَلُوهُ لَقَدْ أَدْرَكُوا ثَأْرَهُمْ، فَأَتَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَرَبِيٍّ الْكِنَانِيُّ فَقَالَ: هَذَا الْوَلِيدُ عِنْدِي، قَدْ أَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ، وَلَيْسَ عَلَيْهِ بَأْسٌ، ثُمَّ أَمَرَ عَبْدُ الْمَلِكِ بِيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنْ يُقْتَلَ، فَشَفَعَ فِيهِ أَخُوهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute