وَغَيْرُهُ إِلَى الْوَزِيرِ الْقَاسِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ فَأَشَارُوا بِأَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ لِتَجْدِيدِ الْبَيْعَةِ لِلْمُكْتَفِي بِاللَّهِ عَلِيِّ بْنِ الْمُعْتَضِدِ بِاللَّهِ، فَفَعَلَ ذَلِكَ وَتَأَكَّدَتِ الْبَيْعَةُ وَكَانَ فِي ذَلِكَ خَيْرٌ كَثِيرٌ.
وَحِينَ حَضَرَتِ الْمُعْتَضِدَ الْوَفَاةُ أَنْشَدَ لِنَفْسِهِ:
تَمَتَّعْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ لَا تَبْقَى ... وَخُذْ صَفْوَهَا مَا إِنْ صَفَتْ وَدَعِ الرَّنْقَا
وَلَا تَأْمَنَنَّ الدَّهْرَ إِنِّي أَمِنْتُهُ ... فَلَمْ يُبْقِ لِي حَالًا وَلَمْ يَرْعَ لِي حَقًّا
قَتَلْتُ صَنَادِيدَ الرِّجَالِ فَلَمْ أَدَعْ ... عَدُوًّا وَلَمْ أُمْهِلْ عَلَى خُلُقٍ خَلْقَا
وَأَخْلَيْتُ دَارَ الْمُلْكِ مِنْ كُلِّ نَازِعٍ ... فَشَرَّدْتُهُمْ غَرْبًا وَمَزَّقْتُهُمْ شَنْقَا
فَلَمَّا بَلَغْتُ النَّجْمَ عِزًّا وَرِفْعَةً ... وَصَارَتْ رِقَابُ الْخَلْقِ أَجْمَعَ لِي رِقَّا
رَمَانِي الرَّدَى سَهْمًا فَأَخْمَدَ جَمْرَتِي ... فَهَاأَنَذَا فِي حُفْرَتِي عَاجِلًا أُلْقَى
وَلَمْ يُغْنِ عَنِّي مَا جَمَعْتُ وَلَمْ أَجِدْ ... لِذِي مَلِكِ الْأَحْيَاءِ فِي حِينِهَا رِفْقَا
وَأَفْسَدْتُ دُنْيَايَ وَدِينِي سَفَاهَةً ... فَمَنْ ذَا الَّذِي مِنِّي بِمَصْرَعِهِ أَشْقَى
فَيَا لَيْتَ شِعْرِي بَعْدَ مَوْتِيَ مَا أَلْقَى ... إِلَى نِعْمَةٍ لِلَّهِ أَمْ نَارِهِ أُلْقَى
وَكَانَتْ وَفَاتُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَيْلَةَ الْإِثْنَيْنِ لِثَمَانٍ بَقِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ، وَلَمْ يَبْلُغِ الْخَمْسِينَ. فَكَانَتْ خِلَافَتُهُ تِسْعَ سِنِينَ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ يَوْمًا، وَخَلَّفَ مِنَ الْأَوْلَادِ الذُّكُورِ، عَلِيًّا الْمُكْتَفِيَ، وَجَعْفَرًا الْمُقْتَدِرَ، وَهَارُونَ، وَمِنَ الْبَنَاتِ إِحْدَى عَشْرَةَ بِنْتًا، وَيُقَالُ سَبْعَ عَشْرَةَ بِنْتًا. وَتَرَكَ فِي بَيْتِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute