للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَارَ إِلَيْهَا تَلَقَّاهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ عَلَى مَرْحَلَتَيْنِ مِنْ مِصْرَ، فَقَالَ لَهُ: ارْجِعْ إِلَى خَالِكَ مُعَاوِيَةَ، فَلَعَمْرِي لَا تَسِيرُ فِينَا سِيرَتَكَ فِي إِخْوَانِنَا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ. فَرَجَعَ ابْنُ أُمِّ الْحَكَمِ إِلَى مُعَاوِيَةَ، وَلَحِقَهُ مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ وَافِدًا عَلَى مُعَاوِيَةَ، فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ وَجَدَ عِنْدَهُ أُخْتَهُ أُمَّ الْحَكَمِ، وَهِيَ أُمُّ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الَّذِي طَرَدَهُ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَأَهْلُ مِصْرَ، فَلَمَّا رَآهُ مُعَاوِيَةُ قَالَ: بَخٍ بَخٍ، هَذَا مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ. فَقَالَتْ أُمُّ الْحَكَمِ: لَا مَرْحَبًا بِهِ، تَسْمَعُ بِالْمُعَيْدِيِّ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَرَاهُ. فَقَالَ: مُعَاوِيَةُ بْنُ حُدَيْجٍ عَلَى رِسْلِكِ يَا أُمَّ الْحَكَمِ، أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ تَزَوَّجْتِ فَمَا أَكْرَمْتِ، وَوَلَدْتِ فَمَا أَنْجَبْتِ، أَرَدْتِ أَنْ يَلِيَ ابْنُكِ الْفَاسِقُ عَلَيْنَا، فَيَسِيرَ فِينَا كَمَا سَارَ فِي إِخْوَانِنَا مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُرِيَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَضَرَبْنَاهُ ضَرْبًا يُطَأْطِئُ مِنْهُ، وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ الْجَالِسُ. فَالْتَفَتَ إِلَيْهَا مُعَاوِيَةُ فَقَالَ: كُفِّي.

قِصَّةٌ غَرِيبَةٌ

ذَكَرَهَا ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي كِتَابِهِ «الْمُنْتَظَمِ» بِسَنَدِهِ، وَمُلَخَّصُهَا أَنَّ مُعَاوِيَةَ بَيْنَمَا هُوَ يَوْمًا عَلَى السِّمَاطِ إِذَا شَابٌّ مِنْ بَنِي عُذْرَةَ قَدْ مَثَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَأَنْشَدَهُ شِعْرًا مَضْمُونُهُ التَّشَوُّقُ إِلَى زَوْجَتِهِ سُعَادَ، فَاسْتَدْنَاهُ مُعَاوِيَةُ، وَاسْتَحْكَاهُ عَنْ أَمْرِهِ، فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنِّي كُنْتُ مُزَوَّجًا بِابْنَةِ عَمٍّ لِي، وَكَانَ لِي إِبِلٌ وَغَنَمٌ، فَأَنْفَقَتُ ذَلِكَ عَلَيْهَا، فَلَمَّا قَلَّ مَا بِيَدِي رَغِبَ عَنِّي أَبُوهَا وَشَكَانِي إِلَى عَامِلِكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>