الْعَدِيدَةِ الْمُفِيدَةِ نَحْوٌ مِنْ سِتِّينَ مُصَنَّفًا وَيُقَالُ بَلْ مِائَةُ مُصَنَّفٍ فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وُلِدَ سَنَةَ إِحْدَى وَتِسْعِينَ وَثَلَاثِمِائَةٍ، وَقِيلَ سَنَةَ ثِنْتَيْنِ وَتِسْعِينَ، وَأَوَّلُ سَمَاعِهِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَنَشَأَ بِبَغْدَادَ وَتَفَقَّهَ عَلَى الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ وَغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ، وَسَمِعَ الْحَدِيثَ الْكَثِيرَ وَرَحَلَ إِلَى الْبَصْرَةِ وَنَيْسَابُورَ وَأَصْبَهَانَ وَهَمَذَانَ وَالشَّامِ وَالْحِجَازِ، وَسُمِّيَ الْخَطِيبُ لِأَنَّهُ كَانَ يَخْطُبُ بِدَرْزِيجَانَ وَسَمِعَ بِمَكَّةَ عَلَى الْقَاضِي أَبِي عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَامَةَ الْقُضَاعِيِّ، وَقَرَأَ " صَحِيحَ الْبُخَارِيِّ " عَلَى كَرِيمَةَ بِنْتِ أَحْمَدَ فِي خَمْسَةِ أَيَّامٍ.
وَرَجَعَ إِلَى بَغْدَادَ فَحَظِيَ عِنْدَ الْوَزِيرِ أَبِي الْقَاسِمِ بْنِ الْمُسْلِمَةِ. وَلَمَّا ادَّعَى الْيَهُودُ الْخَيَابِرَةُ أَنَّ مَعَهُمْ كِتَابًا نَبَوِيًّا فِيهِ إِسْقَاطُ الْجِزْيَةِ عَنْهُمْ أَوْقَفَ ابْنُ الْمُسْلِمَةِ الْخَطِيبَ عَلَى هَذَا الْكِتَابِ فَقَالَ: هَذَا كَذِبٌ. فَقِيلَ لَهُ: وَمَا الدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ؟ فَقَالَ: لِأَنَّ فِيهِ شَهَادَةَ مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَلَمْ يَكُنْ أَسْلَمَ يَوْمَ خَيْبَرَ وَقَدْ كَانَتْ خَيْبَرُ فِي سَنَةِ سَبْعٍ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَإِنَّمَا أَسْلَمَ مُعَاوِيَةُ يَوْمَ الْفَتْحِ وَفِيهِ شَهَادَةُ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ وَقَدْ كَانَ تُوُفِّيَ عَامَ الْخَنْدَقِ سَنَةَ خَمْسٍ. فَأَعْجَبَ النَّاسَ ذَلِكَ. وَقَدْ سُبِقَ الْخَطِيبُ إِلَى هَذَا النَّقْدِ كَمَا ذَكَرْتُ ذَلِكَ فِي مُصَنَّفٍ مُفْرَدٍ.
وَلَمَّا وَقَعَتْ فِتْنَةُ الْبَسَاسِيرِيِّ بِبَغْدَادَ سَنَةَ خَمْسِينَ، خَرَجَ مِنْهَا إِلَى الشَّامِ فَأَقَامَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute