[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَثَمَانِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
اسْتُهِلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَالسُّلْطَانُ مُخَيِّمٌ بِظَاهِرِ حَمَاةَ، فَسَارَ إِلَى حَلَبَ وَتَلَقَّاهُ أَخُوهُ الْعَادِلُ، وَاجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ الْعَسَاكِرُ، فَخَرَجَ مِنْهَا فِي صَفَرٍ ; لِقَصْدِ الْمَوْصِلِ فَقَطَعَ الْفُرَاتَ، وَجَاءَ إِلَى حَرَّانَ فَقَبَضَ عَلَى صَاحِبِهَا مُظَفَّرِ الدِّينِ بْنِ زَيْنِ الدِّينِ، وَهُوَ أَخُو زَيْنِ الدِّينِ صَاحِبِ إِرْبِلَ، ثُمَّ رَضِيَ عَنْهُ، وَأَعَادَهُ إِلَى مَمْلَكَتِهِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ حُسْنَ طَوِيَّتِهِ، ثُمَّ سَارَ مِنْهَا إِلَى الْمَوْصِلِ فَتَلَقَّاهُ الْمُلُوكُ مِنْ كُلِّ نَاحِيَةٍ، وَجَاءَ إِلَى خِدْمَتِهِ عِمَادُ الدِّينِ أَبُو بَكْرِ بْنُ قَرَا أَرْسَلَانَ صَاحِبُ بِلَادِ بِكْرٍ وَآمِدَ، ثُمَّ بَلَغَهُ مَوْتُ أَخِيهِ نُورِ الدِّينِ أَرْسَلَانَ، فَطَلَبَ دُسْتُورًا ; لِأَخْذِ مَمْلَكَتِهِ فَأَعْطَاهُ، وَسَارَ السُّلْطَانُ فَنَزَلَ عَلَى الْإِسْمَاعِيلِيَّاتِ قَرِيبًا مِنَ الْمَوْصِلِ وَجَاءَهُ صَاحِبُ إِرْبِلَ زَيْنُ الدِّينِ وَهُوَ مِمَّنْ خَضَعَ لَهُ مُلُوكُ تِلْكَ النَّاحِيَةِ - كَمَا تَقَدَّمَ - وَأَرْسَلَ السُّلْطَانُ ضِيَاءَ الدِّينِ بْنَ كَمَالِ الدِّينِ الشَّهْرُزُورِيَّ إِلَى الْخَلِيفَةِ يُعْلِمُهُ بِمَا عَزَمَ عَلَيْهِ مِنْ حِصَارِ الْمَوْصِلِ وَإِنَّمَا مَقْصُودُهُ رَدُّهُمْ إِلَى طَاعَةِ الْإِمَامِ، وَنُصْرَةِ الْإِسْلَامِ، فَحَاصَرَهَا مُدَّةً، ثُمَّ تَرَحَّلَ عَنْهَا فِي آخِرِ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ وَلَمْ يَفْتَحْهَا، وَسَارَ إِلَى خِلَاطَ وَاسْتَحْوَذَ عَلَى بُلْدَانٍ كَثِيرَةٍ، وَأَقَالِيمَ جَمَّةٍ بِبِلَادِ الْجَزِيرَةِ وَدِيَارِ بَكْرٍ، وَجَرَتْ أُمُورٌ طَوِيلَةٌ قَدِ اسْتَقْصَاهَا ابْنُ الْأَثِيرِ فِي " الْكَامِلِ " وَصَاحِبُ " الرَّوْضَتَيْنِ "، ثُمَّ وَقَعَ الصُّلْحُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَوَاصِلَةِ، عَلَى أَنْ يَكُونُوا مَنْ جُنْدِهِ إِذَا نَدَبَهُمْ لِقِتَالِ الْفِرِنْجِ، وَعَلَى أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute