وَلَمَّا خَرَجَ خَرْجَتَهُ هَذِهِ الثَّانِيَةَ بِظَاهِرِ الْبَصْرَةِ الْتَفَّ عَلَيْهِ خَلْقٌ مِنَ الزَّنْجِ الَّذِينَ كَانُوا يَكْسَحُونَ السِّبَاخَ فَعَبَرَ بِهِمْ دِجْلَةَ فَنَزَلَ الدِّينَارِيَّ، وَكَانَ يَزْعُمُ لِبَعْضِ الْجَهَلَةِ مِنْ أَتْبَاعِهِ أَنَّهُ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ أَبُو الْحُسَيْنِ الْمَقْتُولُ بِنَاحِيَةِ الْكُوفَةِ وَكَانَ يَدَّعِي أَنَّهُ حَفِظَ سُوَرًا مِنَ الْقُرْآنِ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ جَرَى بِهَا لِسَانُهُ لَا يَحْفَظُهَا غَيْرُهُ فِي مُدَّةٍ ; وَهُنَّ " سُبْحَانَ " وَالْكَهْفُ " وَص " وَأَنَّهُ فَكَّرَ يَوْمًا وَهُوَ فِي الْبَادِيَةِ إِلَى أَيِّ الْبِلَادِ يَصِيرُ، فَخُوطِبَ مِنْ سَحَابَةٍ أَنْ يَقْصِدَ الْبَصْرَةَ فَقَصَدَهَا، وَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنْهَا وَجَدَ أَهْلَهَا مُفْتَرِقِينَ عَلَى شُعْبَتَيْنِ ; سَعْدِيَّةٍ وَبِلَالِيَّةٍ فَطَمِعَ أَنْ يَنْضَمَّ إِلَيْهِ إِحْدَاهُمَا فَيَسْتَعِينَ بِهَا عَلَى الْأُخْرَى فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ، فَارْتَحَلَ إِلَى بَغْدَادَ فَأَقَامَ بِهَا سَنَةً وَانْتَسَبَ بِهَا إِلَى مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ عِيسَى بْنِ زَيْدٍ، وَكَانَ يَزْعُمُ بِهَا أَنَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي ضَمَائِرِ أَصْحَابِهِ، وَأَنَّ اللَّهَ يُعْلِمُهُ بِذَلِكَ فَتَبِعَهُ عَلَى ذَلِكَ جَهَلَةٌ مِنَ الطَّغَامِ، وَطَائِفَةٌ مِنْ رَعَاعِ النَّاسِ الْعَوَامِّ.
ثُمَّ عَادَ إِلَى أَرْضِ الْبَصْرَةِ فِي رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ فَاجْتَمَعَ مَعَهُ بَشَرٌ كَثِيرٌ، وَلَكِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُمْ عُدَدٌ يُقَاتِلُونَ بِهَا فَأَتَاهُمْ جَيْشٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَصْرَةِ فَاقْتَتَلُوا جَمِيعًا، فَلَمْ يَكُنْ فِي جَيْشِ هَذَا الْخَارِجِيِّ سِوَى ثَلَاثَةِ أَسْيَافٍ وَأُولَئِكَ الْجَيْشُ مَعَهُمْ عُدَدٌ وَعَدَدٌ وَلَبُوسٌ وَمَعَ هَذَا هَزَمَ أَصْحَابُ هَذَا الْخَارِجِيِّ ذَلِكَ الْجَيْشَ وَكَانُوا فِي أَرْبَعَةِ آلَافِ مُقَاتِلٍ ثُمَّ مَضَى نَحْوَ الْبَصْرَةِ بِمَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute