وَقَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ فِي كِتَابِ " الْمَبْعَثِ ": حَدَّثَنِي عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعْمَانِيُّ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: {" وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ "} [الأنبياء: ١٠٧] قَالَ: مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ تَمَّتْ لَهُ الرَّحْمَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ عُوفِيَ مِنْ تَعْجِيلِ مَا كَانَ يُصِيبُ الْأُمَمَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْعَذَابِ وَالْفِتَنِ وَالْقَذْفِ وَالْخَسْفِ. وَقَالَ تَعَالَى: " {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ "} [إبراهيم: ٢٨] . قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ النِّعْمَةُ مُحَمَّدٌ، وَالَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا هُمْ كُفَّارُ قُرَيْشٍ. يَعْنِي: وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ كَذَّبَ بِهِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {" وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ "} [هود: ١٧] .
قَالَ أَبُو نُعَيْمٍ: فَإِنْ قِيلَ: فَقَدْ سَمَّى اللَّهُ نُوحًا، عَلَيْهِ السَّلَامُ، بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى فَقَالَ {" إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا "} [الإسراء: ٣] . قُلْنَا: وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاسْمَيْنِ مِنْ أَسْمَائِهِ فَقَالَ: {" بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ "} [التوبة: ١٢٨] . قَالَ: وَقَدْ خَاطَبَ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ بِأَسْمَائِهِمْ، يَا نُوحُ، يَا إِبْرَاهِيمُ، يَا مُوسَى، يَا دَاوُدُ، يَا يَحْيَى، يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ. وَقَالَ مُخَاطِبًا لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ " " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ " {" يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ " - " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ "} [المدثر: ١] وَذَلِكَ قَائِمٌ مَقَامَ الْكُنْيَةِ بِصِفَةِ الشَّرَفِ، وَلَمَّا نَسَبَ الْمُشْرِكُونَ أَنْبِيَاءَهُمْ إِلَى السَّفَهِ، وَالْجُنُونِ، كُلٌّ أَجَابَ عَنْ نَفْسِهِ ; قَالَ نُوحٌ " {يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأعراف: ٦١] " [الْأَعْرَافِ: ٦١]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute