لَعَزَمْتَ التَّوْبَةَ وَلَمْ تُقَرِّرْ لَنَا بِالْخَطِيئَةِ، وَقَدِ اجْتَمَعَ إِلَيْكَ عَلَى الْبَابِ مِثْلُ الْجِبَالِ مِنَ النَّاسِ. فَقَالَ عُثْمَانُ: فَاخْرُجْ إِلَيْهِمْ فَكَلِّمْهُمْ، فَإِنِّي أَسْتَحِي أَنْ أُكَلِّمَهُمْ. قَالَ: فَخَرَجَ مَرْوَانُ إِلَى الْبَابِ وَالنَّاسِ يَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، فَقَالَ: مَا شَأْنُكُمْ؟ كَأَنَّكُمْ قَدْ جِئْتُمْ لِنَهْبٍ، شَاهَتِ الْوُجُوهُ! كُلُّ إِنْسَانٍ آخِذٍ بِأُذُنِ صَاحِبِهِ، أَلَا مَنْ أُرِيدُ؟ جِئْتُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْزِعُوا مُلْكَنَا مِنْ أَيْدِينَا، اخْرُجُوا عَنَّا، أَمَا وَاللَّهِ لَئِنْ رُمْتُمُونَا لِيُمُرَّنَّ عَلَيْكُمْ أَمْرٌ يَسُوءُكُمْ وَلَا تَحْمَدُوا غِبَّهُ، ارْجِعُوا إِلَى مَنَازِلِكُمْ، فَوَاللَّهِ مَا نَحْنُ مَغْلُوبِينَ عَلَى مَا بِأَيْدِينَا. قَالَ: فَرَجَعَ النَّاسُ، وَخَرَجَ بَعْضُهُمْ حَتَّى أَتَى عَلِيًّا فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ، فَجَاءَ عَلِيٌّ مُغْضَبًا حَتَّى دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: أَمَا رَضِيتَ مِنْ مَرْوَانَ وَلَا رَضِيَ مِنْكَ إِلَّا بِتَحْوِيلِكَ عَنْ دِينِكَ وَعَقْلِكَ، وَإِنَّ مَثَلَكَ مِثْلُ جَمَلِ الظَّعِينَةِ سَارَ حَيْثُ يَسَارُ بِهِ، وَاللَّهِ مَا مَرْوَانُ بِذِي رَأْيٍ فِي دِينِهِ وَلَا نَفْسِهِ، وَايْمُ اللَّهِ إِنِّي لَأَرَاهُ سَيُورِدُكَ ثُمَّ لَا يُصْدِرُكَ، وَمَا أَنَا بِعَائِدٍ بَعْدَ مَقَامِي هَذَا لِمُعَاتَبَتِكَ، أَذْهَبْتَ شَرَفَكَ، وَغُلِبْتَ عَلَى أَمْرِكَ. فَلَمَّا خَرَجَ عَلِيٌّ دَخَلَتْ نَائِلَةُ عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَتْ: أَتَكَلَّمُ أَوْ أَسْكُتُ؟ فَقَالَ: تَكَلَّمِي. فَقَالَتْ: سَمِعْتُ قَوْلَ عَلِيٍّ أَنَّهُ لَيْسَ يُعَاوِدُكَ، وَقَدْ أَطَعْتَ مَرْوَانَ حَيْثُ شَاءَ. قَالَ: فَمَا أَصْنَعُ؟ قَالَتْ: تَتَّقِي اللَّهَ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَتَتَّبِعُ سُنَّةَ صَاحِبَيْكَ مِنْ قَبْلِكَ، فَإِنَّكَ مَتَى أَطَعْتَ مَرْوَانَ قَتَلَكَ، وَمَرْوَانُ لَيْسَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ قَدْرٌ وَلَا هَيْبَةٌ وَلَا مَحَبَّةٌ، فَأَرْسِلْ إِلَى عَلِيٍّ فَاسْتَصْلِحْهُ، فَإِنَّ لَهُ قَرَابَةً مِنْكَ وَهُوَ لَا يُعْصَى. قَالَ: فَأَرْسَلَ عُثْمَانُ إِلَى عَلِيٍّ فَأَبَى أَنْ يَأْتِيَهُ، وَقَالَ: لَقَدْ أَعْلَمْتُهُ أَنِّي لَسْتُ بِعَائِدٍ. قَالَ: وَبَلَغَ مَرْوَانَ قَوْلُ نَائِلَةَ فِيهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute