للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: قَدْ جَاءَنِي كِتَابُكَ وَفَهِمْتُهُ، فَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ وَمَنَحَكَ اللَّهُ أَدْبَارَهُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ أُلْقِيَ فِي رَوْعِي أَنَّكُمْ سَتَهْزِمُونَهُمْ، فَلَا تَشُكَّنَّ فِي ذَلِكَ، فَإِذَا هَزَمْتَهُمْ فَلَا تَنْزِعْ عَنْهُمْ حَتَّى تَقْتَحِمَ عَلَيْهِمُ الْمَدَائِنَ ; فَإِنَّهُ خَرَابُهَا، إِنْ شَاءَ اللَّهُ. وَجَعَلَ عُمَرُ يَدْعُو لِسَعْدٍ خَاصَّةً وَلَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً.

وَلَمَّا بَلَغَ سَعْدٌ الْعُذَيْبَ اعْتَرَضَ الْمُسْلِمِينَ جَيْشٌ لِلْفُرْسِ مَعَ شِيرْزَاذَ بْنِ آزَاذَوَيْهِ، فَغَنِمُوا مِمَّا مَعَهُ شَيْئًا كَثِيرًا، وَوَقَعَ مِنْهُمْ مَوْقِعًا كَبِيرًا، فَخَمَّسَهَا سَعْدٌ، وَقَسَمَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا فِي النَّاسِ، وَاسْتَبْشَرَ النَّاسُ بِذَلِكَ وَفَرِحُوا وَتَفَاءَلُوا، وَأَفْرَدَ سَعْدٌ سَرِيَّةً تَكُونُ حِيَاطَةً لِمَنْ مَعَهُمْ مِنَ الْحَرِيمِ، عَلَى هَذِهِ السَّرِيَّةِ غَالِبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ اللَّيْثِيُّ.

[غَزْوَةُ الْقَادِسِيَّةُ]

[تَجْهِيزُ رُسْتُمَ لِلْخُرُوجِ لِسَعْدٍ]

فَصْلٌ فِي غَزْوَةِ الْقَادِسِيَّةِ.

ثُمَّ سَارَ سَعْدٌ فَنَزَلَ الْقَادِسِيَّةَ، وَبَثَّ سَرَايَاهُ وَأَقَامَ بِهَا شَهْرًا لَمْ يَرَ أَحَدًا مِنَ الْفُرْسِ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بِذَلِكَ، وَالسَّرَايَا تَأْتِي بِالْمِيرَةِ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَعَجَّتْ رَعَايَا الْفُرْسِ مِنْ أَطْرَافِ بِلَادِهِمْ إِلَى يَزْدَجِرْدَ مِنَ الَّذِي يَلْقَوْنَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنَ النَّهْبِ وَالسِّبَاءِ. وَقَالُوا: إِنْ لَمْ تُنْجِدُونَا وَإِلَّا أَعْطَيْنَا مَا بِأَيْدِينَا وَسَلَّمْنَا إِلَيْهِمُ الْحُصُونَ. وَاجْتَمَعَ رَأْيُ الْفُرْسِ عَلَى إِرْسَالِ رُسْتُمَ إِلَيْهِمْ، فَبَعَثَ إِلَيْهِ يَزْدَجِرْدُ، فَأَمَّرَهُ عَلَى الْجَيْشِ، فَاسْتَعْفَى رُسْتُمُ مِنْ ذَلِكَ وَقَالَ: إِنَّ هَذَا لَيْسَ بِرَأْيٍ فِي الْحَرْبِ، إِنَّ إِرْسَالَ الْجُيُوشِ بَعْدَ الْجُيُوشِ أَشَدُّ عَلَى الْعَرَبِ مِنْ أَنْ يَكْسِرُوا جَيْشًا كَثِيفًا مَرَّةً وَاحِدَةً. فَأَبَى الْمَلِكُ إِلَّا ذَلِكَ، فَتَجَهَّزَ رُسْتُمُ لِلْخُرُوجِ، ثُمَّ بَعَثَ سَعْدٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>