للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَلْ حَبْلُ خَوْلَةَ بَعْدَ الْبَيْنِ مَوْصُولُ … أَمْ أَنْتَ عَنْهَا بَعِيدُ الدَّارِ مَشْغُولُ

وَلِلْأَحِبَّةِ أَيَّامٌ تَذَكَّرُهَا … وَلِلنَّوَى قَبْلَ يَوْمِ الْبَيْنِ تَأْوِيلُ

حَلَّتْ خُوَيْلَةُ فِي حَيٍّ عَهِدْتُهُمُ … دُونَ الْمَدِينَةِ فِيهَا الدِّيكُ وَالْفِيلُ

يُقَارِعُونَ رُءُوسَ الْعُجْمِ ضَاحِيَةً … مِنْهُمْ فَوَارِسُ لَا عُزْلٌ وَلَا مِيلُ

وَقَدْ قَالَ الْفَرَزْدَقُ فِي شِعْرِهِ يَذْكُرُ قَتْلَ الْمُثَنَّى ذَلِكَ الْفِيلَ:

وَبَيْتُ الْمُثَنَّى قَاتِلِ الْفِيلِ عَنْوَةً … بِبَابِلَ إِذْ فِي فَارِسٍ مُلْكُ بَابِلِ

ثُمَّ إِنَّ الْمُثَنَّى بْنَ حَارِثَةَ اسْتَبْطَأَ أَخْبَارَ الصِّدِّيقِ لِتَشَاغُلِهِ بِأَهْلِ الشَّامِ، وَمَا فِيهِ مِنْ حَرْبِ الْيَرْمُوكِ الْمُتَقَدِّمِ ذَكَرُهُ، فَسَارَ الْمُثَنَّى نَفْسُهُ إِلَى الصِّدِّيقِ، وَاسْتَنَابَ عَلَى الْعِرَاقِ بَشِيرَ بْنَ الْخَصَاصِيَةِ، وَعَلَى الْمَسَالِحِ سَعِيدَ بْنَ مُرَّةَ الْعِجْلِيَّ، فَلَمَّا انْتَهَى الْمُثَنَّى إِلَى الْمَدِينَةِ وَجَدَ الصِّدِّيقَ فِي آخِرِ مَرَضِ الْمَوْتِ، وَقَدْ عَهِدَ إِلَى عُمَرَ بْنِ الْخِطَابِ، وَلَمَّا رَأَى الصِّدِّيقُ الْمُثَنَّى قَالَ لِعُمَرَ: إِذَا أَنَا مُتُّ فَلَا تُمْسِيَنَّ حَتَّى تَنْدُبَ النَّاسَ لِحَرْبِ أَهْلِ الْعِرَاقِ مَعَ الْمُثَنَّى، وَإِذَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَى أُمَرَاءِنَا بِالشَّامِ فَارْدُدْ أَصْحَابَ خَالِدٍ إِلَى الْعِرَاقِ، فَإِنَّهُمْ أَعْلَمُ بِحَرْبِهِ. فَلَمَّا مَاتَ الصِّدِّيقُ نَدَبَ عُمَرُ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الْجِهَادِ بِأَرْضِ الْعِرَاقِ; لِقِلَّةِ مَنْ بَقِيَ فِيهِ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ بَعْدَ خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ، فَانْتَدَبَ خَلْقٌ، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبَا عُبَيْدِ بْنَ مَسْعُودٍ، وَكَانَ شَابًّا شُجَاعًا خَبِيرًا بِالْحَرْبِ وَالْمَكِيدَةِ. وَهَذَا آخِرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِخَبَرِ الْعِرَاقِ إِلَى آخَرِ أَيَّامِ الصِّدِّيقِ وَأَوَّلِ دَوْلَةِ الْفَارُوقِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>