بِالْمَعْدِلَةِ الْحَسَنَةِ وَاتِّبَاعِ الشَّرْعِ الْمُطَهَّرِ وَيَعْقِدُ مَجَالِسَ الْعَدْلِ وَيَتَوَلَّاهَا بِنَفْسِهِ وَيَجْتَمِعُ إِلَيْهِ الْقَاضِي وَالْفُقَهَاءُ وَالْمُفْتُونَ مِنْ سَائِرِ الْمَذَاهِبِ، وَيَجْلِسُ فِي يَوْمِ الثُّلَاثَاءِ بِالْمَسْجِدِ الْمُعَلَّقِ الَّذِي بِالْكُشْكِ ; لِيَصِلَ إِلَيْهِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ وَأَحَاطَ السُّورَ عَلَى حَارَةِ الْيَهُودِ، وَكَانَ خَرَابًا وَأَغْلَقَ بَابَ كَيْسَانَ وَفَتَحَ بَابَ الْفَرَجِ وَلَمْ يَكُنْ قَبْلَهُ هُنَاكَ بَابٌ بِالْكُلِّيَّةِ، وَأَظْهَرَ بِبِلَادِهِ السُّنَّةَ وَأَمَاتَ الْبِدْعَةَ، وَأَمَرَ بِالتَّأْذِينِ بِحَيِّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيِّ عَلَى الْفَلَاحِ، وَلَمْ يَكُنْ يُؤَذَّنُ بِهِمَا فِي دَوْلَتِي أَبِيهِ وَجَدِّهِ، وَإِنَّمَا كَانَ يُؤَذَّنُ بِحَيِّ عَلَى خَيْرِ الْعَمَلِ ; لِأَنَّ شِعَارَ الرَّفْضِ كَانَ ظَاهِرًا بِهَا. وَأَقَامَ الْحُدُودَ وَفَتَحَ الْحُصُونَ وَكَسَرَ الْفِرِنْجَ غَيْرَ مَرَّةٍ، وَاسْتَنْقَذَ مِنْ أَيْدِيهِمْ مَعَاقِلَ كَثِيرَةً مِنَ الْحُصُونِ الْمَنِيعَةِ الَّتِي كَانُوا قَدِ اسْتَحْوَذُوا عَلَيْهَا مِنْ بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، كَمَا تَقَدَّمَ بَسْطُ ذَلِكَ فِي السِّنِينَ الْمُتَقَدِّمَةِ فِي أَيَّامِهِ.
وَأَقْطَعَ أُمَرَاءَ الْعَرَبِ إِقْطَاعَاتٍ ; لِئَلَّا يَتَعَرَّضُوا لِلْحَجِيجِ، وَبَنَى بِدِمَشْقَ مَارَسْتَانًا حَسَنًا لَمْ يُبْنَ فِي الشَّامِ قَبْلَهُ مِثْلُهُ وَلَا بَعْدَهُ أَيْضًا، وَوَقَفَ وَقْفًا عَلَى مَنْ يُعَلِّمُ الْأَيْتَامَ الْخَطَّ وَالْقُرْآنَ، وَجَعَلَ لَهُمْ نَفَقَةً وَكُسْوَةً وَعَلَى مَنْ يُقْرِئُ الْأَيْتَامَ وَعَلَى الْمُجَاوِرِينَ بِالْحَرَمَيْنِ.
وَكَانَ الْجَامِعُ دَاثِرًا فَوَلَّى نَظَرَهُ الْقَاضِيَ كَمَالَ الدَّيْنِ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الشَّهْرُزُورِيَّ الْمَوْصِلِيَّ الَّذِي قُدِمَ بِهِ فَوَلَّاهُ قَضَاءَ الْقُضَاةِ بِدِمَشْقَ فَأَصْلَحَ أُمُورَهُ وَفَتَحَ الْمَشَاهِدَ الْأَرْبَعَةَ، وَقَدْ كَانَتْ حَوَاصِلُ الْجَامِعِ بِهَا مِنْ حِينِ احْتَرَقَ سَنَةَ إِحْدَى وَسِتِّينَ وَأَرْبَعِمِائَةٍ، وَأَضَافَ إِلَى أَوْقَافِ الْجَامِعِ الْمَعْلُومَةِ الْأَوْقَافَ الَّتِي لَا يُعْرَفُ وَاقِفُوهَا، وَلَا يُعْرَفُ شُرُوطُهُمْ فِيهَا وَجَعَلَهَا قَلَمًا وَاحِدًا، وَسَمَّاهُ مَالَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute