للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَجَدَهُ، وَذَهَبَ أَهْلُ كُلِّ بَابٍ فَسَأَلُوا مِنْ أَمِيرِهِمُ الَّذِي عِنْدَ الْبَابِ مِنْ خَارِجٍ الصُّلْحَ - وَقَدْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ دَعَوْهُمْ إِلَى الْمُشَاطَرَةِ فَيَأْبَوْنَ عَلَيْهِمْ - فَلَمَّا دَعَوْهُمْ إِلَى ذَلِكَ أَجَابُوهُمْ، وَلَمْ يَعْلَمْ بَقِيَّةُ الصَّحَابَةِ مَا صَنَعَ خَالِدٌ، وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ وَبَابٍ، فَوَجَدُوا خَالِدًا وَهُوَ يَقْتُلُ مَنْ وَجَدَهُ، فَقَالُوا لَهُ: إِنَّا قَدْ أَمَّنَّاهُمْ. فَقَالَ: إِنِّي فَتَحْتُهَا عَنْوَةً. وَالْتَقَتَ الْأُمَرَاءُ فِي وَسَطِ الْبَلَدِ عِنْدَ كَنِيسَةِ الْمِقْسِلَّاطِ بِالْقُرْبِ مِنْ دَرْبِ الرَّيْحَانِ الْيَوْمَ. هَكَذَا ذَكَرَهُ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ أَنَّ خَالِدًا فَتَحَ الْبَابَ قَسْرًا.

وَقَالَ آخَرُونَ: بَلِ الَّذِي فَتَحَهَا عَنْوَةً أَبُو عُبَيْدَةَ، وَقِيلَ: يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَخَالِدٌ صَالَحَ أَهْلَ الْبَلَدِ. فَعَكَسُوا الْمَشْهُورَ الْمَعْرُوفَ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَدِ اخْتَلَفَ الصَّحَابَةُ، فَقَالَ قَائِلُونَ: هِيَ صُلْحٌ. يَعْنِي عَلَى مَا صَالَحَهُمُ الْأَمِيرُ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ، وَهُوَ أَبُو عُبَيْدَةَ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ هِيَ عَنْوَةٌ. لِأَنَّ خَالِدًا افْتَتَحَهَا بِالسَّيْفِ أَوَّلًا كَمَا ذَكَرْنَا، فَلَمَّا أَحَسُّوا بِذَلِكَ ذَهَبُوا إِلَى بَقِيَّةِ الْأُمَرَاءِ، وَمِنْهُمْ أَبُو عُبَيْدَةَ فَصَالَحُوهُمْ، فَاتَّفَقُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ عَلَى أَنْ جَعَلُوا نِصْفَهَا صُلْحًا وَنِصْفَهَا عَنْوَةً، فَمَلَكَ أَهْلُهَا نِصْفَ مَا كَانَ بِأَيْدِيهِمْ وَأُقِرُّوا عَلَيْهِ، وَاسْتَقَرَّتْ يَدُ الصَّحَابَةِ عَلَى النِّصْفِ. وَيُقَوِّي هَذَا مَا ذَكَرَهُ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ مِنْ أَنَّ الصَّحَابَةَ كَانُوا يَطْلُبُونَ إِلَيْهِمْ أَنْ يُصَالِحُوهُمْ عَلَى الْمُشَاطَرَةِ فَيَأْبَوْنَ، فَلَمَّا أَحَسُّوا بِالْيَأْسِ أَنَابُوا إِلَى مَا كَانَتِ الصَّحَابَةُ دَعَوْهُمْ إِلَيْهِ فَبَادَرُوا إِلَى إِجَابَتِهِمْ. وَلَمْ يَعْلَمِ الصَّحَابَةُ بِمَا كَانَ مِنْ خَالِدٍ إِلَيْهِمْ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>