جَدًّا وَكَانَ كَرِيمًا جِدًّا، وَفِيهِ عِبَادَةٌ مَعَ هَذَا كُلِّهِ، وَكَثْرَةُ صَلَاةٍ وَصِيَامِ تَطَوُّعٍ.
وَفِي يَوْمِ عَرَفَةَ أَوَّلَ وِلَايَتِهِ فَرَّقَ مِنَ الْأَغْنَامِ وَالْأَبْقَارِ ثَلَاثِينَ أَلْفَ رَأْسٍ وَمِنَ الْإِبِلِ أَلْفَيْ بَعِيرٍ، وَرَدَّ الرُّسُومَ وَالْكُلَفَ وَالْأَرْزَاقَ إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ فِي أَوَائِلِ الْعَبَّاسِيِّينَ، وَأَطْلَقَ أَهْلَ الْحُبُوسِ الَّذِينَ يَجُوزُ إِطْلَاقُهُمْ، وَوَكَلَ أَمْرَ ذَلِكَ إِلَى الْقَاضِي أَبِي عُمَرَ مُحَمَّدِ بْنِ يُوسُفَ، وَكَانَ قَدْ بُنِيَتْ أَبْنِيَةٌ فِي الرَّحْبَةِ دَخْلُهَا فِي كُلِّ شَهْرٍ أَلْفُ دِينَارٍ فَأَمَرَ بِهَدْمِهَا لِيُوسِّعَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الطُّرُقَاتِ وَسَيَأْتِي ذِكْرُ شَيْءٍ مِنْ أَيَّامِهِ وَتَرْجَمِتِهِ فِيمَا بَعْدُ.
[مَنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ]
وَمِمَّنْ تُوُفِّيَ فِيهَا مِنَ الْأَعْيَانِ:
إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُوحِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَبُو إِسْحَاقَ الْمُزَكِّي الْحَافِظُ الزَّاهِدُ إِمَامُ أَهْلِ عَصْرِهِ بِنَيْسَابُورَ فِي مَعْرِفَةِ الْحَدِيثِ وَالرِّجَالِ وَالْعِلَلِ، وَقَدْ سَمِعَ خَلْقًا مِنَ الْمَشَايِخِ الْكِبَارِ وَدَخَلَ عَلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَذَاكَرَهُ وَكَانَ مَجْلِسُهُ مَهِيبًا وَيُقَالُ إِنَّهُ كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ وَكَانَ لَا يَمْلِكُ إِلَّا دَارَهُ الَّتِي كَانَ يَسْكُنُهَا وَحَانُوتًا يَسْتَغِلُّهُ كُلَّ شَهْرٍ سَبْعَةَ عَشَرَ دِرْهَمًا يُنْفِقُهَا عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ وَكَانَ لَا يَقْبَلُ مِنْ أَحَدٍ شَيْئًا وَكَانَ يُطْبَخُ لَهُ الْجَزَرُ بِالْخَلِّ فَيَتَأَدَّمُ بِهِ طُولَ الشِّتَاءِ، وَقَالَ أَبُو عَلِيٍّ الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ الْحَافِظُ النَّيْسَابُورِيُّ: لَمْ تَرَ عَيْنَايَ مِثْلَهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute