وَقَدْ ذُكِرَتْ لَهُ أَحْوَالٌ وَمُكَاشَفَاتٌ وَكَرَامَاتٌ كَثِيرَةٌ، قَدَّسَ اللَّهُ رَوْحَهُ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ قُطْبٌ مُنْذُ ثْنَتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً. فَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَذَكَرَ الشَّيْخُ الْفَقِيهُ قَالَ: كُنْتُ عَزَمْتُ مَرَّةً عَلَى الرِّحْلَةِ إِلَى حَرَّانَ، وَكَانَ قَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلًا بِهَا يَعْلَمُ عِلْمَ الْفَرَائِضِ جَيِّدًا، فَلَمَّا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الَّتِي أُرِيدُ مِنْ صَبِيحَتِهَا أُسَافِرُ جَاءَتْنِي رِسَالَةُ الشَّيْخِ عَبْدِ اللَّهِ الْيُونِينِيِّ يَعْزِمُ عَلَيَّ إِلَى الْقُدْسِ الشَّرِيفِ، وَكَأَنِّي كَرِهْتُ ذَلِكَ، وَفَتَحْتُ الْمُصْحَفَ، فَطَلَعَ قَوْلُهُ: {اتَّبِعُوا مَنْ لَا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ} [يس: ٢١] فَخَرَجْتُ مَعَهُ إِلَى الْقُدْسِ، فَوَجَدْتُ ذَلِكَ الرَّجُلَ الْحَرَّانِيَّ بِالْقُدْسِ الشَّرِيفِ، فَأَخَذْتُ عَنْهُ عِلْمَ الْفَرَائِضِ حَتَّى خُيِّلَ لِي أَنِّي قَدْ صِرْتُ أَبْرَعَ فِيهِ مِنْهُ.
وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ: كَانَ رَجُلًا ضَخْمًا، وَحَصَلَ لَهُ قَبُولُ كَثِيرٍ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ، وَكَانَ يَلْبَسُ قُبَّعًا، صُوفُهُ إِلَى خَارِجٍ، كَمَا كَانَ شَيْخُهُ عَبْدُ اللَّهِ الْيُونِينِيُّ. قَالَ: وَقَدْ صَنَّفَ شَيْئًا فِي الْمِعْرَاجِ، فَرَدَدْتُ عَلَيْهِ فِي كِتَابٍ سَمَّيْتُهُ " الْوَاضِحَ الْجَلِيَّ فِي الرَّدِّ عَلَى الْحَنْبَلِيِّ ". وَذَكَرَ وَلَدُهُ قُطْبُ الدِّينِ أَنَّهُ مَاتَ فِي التَّاسِعَ عَشَرَ مِنْ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ عَنْ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ سَنَةً، رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
مُحَمَّدُ بْنُ خَلِيلِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ بَدْرٍ
أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَيْطَارُ الْأَكَّالُ، أَصْلُهُ مِنْ جَبَلِ بَنِي هِلَالٍ، وَوُلِدَ بِقَصْرِ حَجَّاجٍ، وَكَانَ مُقِيمًا بِالشَّاغُورِ، وَكَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute