بْنَ طَلْحَةَ السَّجَّادَ، وَبَاتَ النَّاسُ بِخَيْرِ لَيْلَةٍ، وَبَاتَ قَتَلَةُ عُثْمَانَ بِشَرِّ لَيْلَةٍ، وَبَاتُوا يَتَشَاوَرُونَ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يُثِيرُوا الْحَرْبَ مِنَ الْغَلَسِ، فَنَهَضُوا مِنْ قَبْلِ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَهُمْ قَرِيبٌ مَنْ أَلْفَيْ رَجُلٍ فَانْصَرَفَ كُلُّ فَرِيقٍ إِلَى قَرَابَاتِهِمْ، فَهَجَمُوا عَلَيْهِمْ بِالسُّيُوفِ، فَثَارَ كُلُّ طَائِفَةٍ إِلَى قَوْمِهِمْ لِيَمْنَعُوهُمْ، وَقَامَ النَّاسُ مِنْ مَنَامِهِمْ إِلَى السِّلَاحِ، فَقَالُوا: مَا هَذَا؟ قَالُوا: طَرَقَنَا أَهْلُ الْكُوفَةِ لَيْلًا، وَبَيَّتُونَا وَغَدَرُوا بِنَا. وَظَنُّوا أَنَّ هَذَا عَنْ مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ، فَبَلَغَ الْأَمْرُ عَلِيًّا فَقَالَ: مَا لِلنَّاسِ؟ فَقَالُوا بَيَّتَنَا أَهْلُ الْبَصْرَةِ. فَثَارَ كُلُّ فَرِيقٍ إِلَى سِلَاحِهِمْ، وَلَبِسُوا اللَّأْمَةَ، وَرَكِبُوا الْخُيُولَ، وَلَا يَشْعُرُ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِمَا وَقَعَ الْأَمْرُ عَلَيْهِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ. وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ قَدَرًا مَقْدُورًا. فَنَشِبَتِ الْحَرْبُ وَتَوَاقَفَ الْفَرِيقَانِ، وَقَدِ اجْتَمَعَ مَعَ عَلِيٍّ عِشْرُونَ أَلْفًا، وَالْتَفَّ عَلَى عَائِشَةَ وَمَنْ مَعَهَا نَحْوٌ مَنْ ثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَقَامَتِ الْحَرْبُ عَلَى سَاقٍ، وَتَبَارَزَ الْفُرْسَانُ، وَجَالَتِ الشُّجْعَانُ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. وَالسَّبَئِيَّةُ أَصْحَابُ ابْنُ السَّوْدَاءِ، قَبَّحَهُ اللَّهُ لَا يَفْتَرُونَ عَنِ الْقَتْلِ، وَمُنَادِي عَلِيٍّ يُنَادِي: أَلَا كُفُّوا! أَلَا كُفُّوا! فَلَا يَسْمَعُ أَحَدٌ، وَجَاءَ كَعْبُ بْنُ سُورٍ قَاضِي الْبَصْرَةِ، فَقَالَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكِي النَّاسَ، لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُصْلِحَ بِكِ بَيْنَ النَّاسِ. فَجَلَسَتْ فِي هَوْدَجِهَا فَوْقَ بَعِيرِهَا، وَسَتَرُوا الْهَوْدَجَ بِالدُّرُوعِ، وَجَاءَتْ فَوَقَفَتْ بِحَيْثُ تَنْظُرُ إِلَى النَّاسِ فِي مَعْرَكَتِهِمْ، فَتَصَاوَلُوا وَتَجَاوَلُوا، وَكَانَ فِي جُمْلَةِ مَنْ تَبَارَزَ الزُّبَيْرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute