[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ خَمْسِينَ وَمِائَةٍ مِنَ الْهِجْرَةِ]
[الْأَحْدَاثُ الَّتِي وَقَعَتْ فِيهَا]
فِيهَا خَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الْكَفَرَةِ يُقَالُ لَهُ: أُسْتَاذِسِيسُ. فِي بِلَادِ خُرَاسَانَ، فَاسْتَحْوَذَ عَلَى أَكْثَرِهَا، وَالْتَفَّ مَعَهُ نَحْوُ ثَلَاثِمِائَةِ أَلْفٍ، وَقَتَلُوا مِنَ الْمُسْلِمِينَ هُنَالِكَ خَلْقًا كَثِيرًا، وَهَزَمُوا الْجُيُوشَ الَّتِي فِي تِلْكَ الْبِلَادِ، وَسَبَوْا خَلْقًا، وَاسْتَحْكَمَ الْفَسَادُ بِسَبَبِهِمْ، وَتَفَاقَمَ أَمْرُهُمْ، فَوَجَّهَ الْمَنْصُورُ خَازِمَ بْنَ خُزَيْمَةَ إِلَى ابْنِهِ الْمَهْدِيِّ لِيُوَلِّيَهُ حَرْبَ تِلْكَ الْبِلَادِ، وَيَضُمَّ إِلَيْهِ مِنَ الْأَجْنَادِ مَا يُقَاوِمُ أُولَئِكَ، فَنَهَضَ الْمَهْدِيُّ فِي ذَلِكَ نَهْضَةَ رَجُلٍ هَاشِمِيٍّ، وَجَمَعَ لِخَازِمِ بْنِ خُزَيْمَةَ الْإِمْرَةَ عَلَى تِلْكَ الْجُيُوشِ، وَبَعَثَهُ فِي نَحْوٍ مِنْ أَرْبَعِينَ أَلْفًا، فَسَارَ إِلَيْهِمْ، وَمَا زَالَ يُرَاوِغُهُمْ وَيُمَاكِرُهُمْ، وَيَعْمَلُ الْخَدِيعَةَ حَتَّى فَاجَأَهُمْ بِالْحَرْبِ، وَوَاجَهَهُمْ بِالضَّرْبِ، فَقَتَلَ مِنْهُمْ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ أَلْفًا، وَأَسَرَ أَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَهَرَبَ مَلِكُهُمْ أُسَتَاذْسِيسُ، فَتَحَرَّزَ فِي جَبَلٍ، فَجَاءَ خَازِمٌ إِلَى تَحْتِ الْجَبَلِ، وَقَتَلَ أُولَئِكَ الْأَسَارَى كُلَّهُمْ; ضَرَبَ أَعْنَاقَهُمْ، وَلَمْ يَزَلْ يُحَاصِرُهُ حَتَّى نَزَلَ عَلَى حُكْمِ بَعْضِ الْأُمَرَاءِ، فَحَكَمَ أَنْ يُقَيَّدَ بِالْحَدِيدِ هُوَ وَأَهْلُ بَيْتِهِ، وَأَنْ يُعْتَقَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْأَجْنَادِ; وَكَانُوا ثَلَاثِينَ أَلْفًا، فَفَعَلَ خَازِمٌ ذَلِكَ كُلَّهُ، وَأَطْلَقَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِمَّنْ كَانَ مَعَ أُسْتَاذِسِيسَ ثَوْبَيْنِ، وَكَتَبَ بِمَا وَقَعَ مِنَ الْفَتْحِ إِلَى الْمَهْدِيِّ، فَكَتَبَ الْمَهْدِيُّ بِذَلِكَ إِلَى أَبِيهِ الْمَنْصُورِ.
وَفِيهَا عَزَلَ الْخَلِيفَةُ عَنْ إِمْرَةِ الْمَدِينَةِ جَعْفَرَ بْنَ سُلَيْمَانَ، وَوَلَّاهَا الْحَسَنَ بْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute