جَارِي، وَلَا تَخْفِرُ جِوَارِي، بَلْ لَمْ أُجِرْ إِلَّا سَامِعًا مُطِيعًا، حَسَنَ الْبَلَاءِ وَالْأَثَرِ فِي الْإِسْلَامِ، هُوَ وَأَبُوهُ وَأَهْلُ بَيْتِهِ، وَقَدْ بَعَثْتُ بِهِ إِلَيْكَ، فَإِنْ كُنْتَ إِنَّمَا تُعِدُّ قَطِيعَتِي وَالْإِخْفَارَ بِذِمَّتِي وَالْإِبْلَاغَ فِي مَسَاءَتِي، فَقَدْ قَدَرْتَ إِنْ أَنْتَ فَعَلْتَ، وَأَنَا أُعِيذُكَ بِاللَّهِ مِنِ احْتِرَادِ قَطِيعَتِي، وَانْتِهَاكِ حُرْمَتِي، وَتَرْكِ بِرِّي وَصِلَتِي، فَوَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَدْرِي مَا بَقَائِي وَبَقَاؤُكَ، وَلَا مَتَى يُفَرِّقُ الْمَوْتُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، فَإِنِ اسْتَطَاعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَدَامَ اللَّهُ سُرُورَهُ أَنْ لَا يَأْتِيَ أَجَلُ الْوَفَاةِ عَلَيْنَا إِلَّا وَهُوَ لِي وَاصِلٌ، وَلِحَقِّي مُؤَدٍّ، وَعَنْ مَسَاءَتِي نَازِعٌ، فَلْيَفْعَلْ، وَوَاللَّهِ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ مَا أَصْبَحْتُ بِشَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا بَعْدَ تَقْوَى اللَّهِ بِأَسَرَّ مِنِّي بِرِضَاكَ وَسُرُورِكَ، وَإِنَّ رِضَاكَ وَسُرُورَكَ مِمَّا أَلْتَمِسُ بِهِ رِضْوَانَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنْ كُنْتَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ يَوْمًا مِنَ الدَّهْرِ تُرِيدُ مَسَرَّتِي وَصِلَتِي وَكَرَامَتِي وَإِعْظَامَ حَقِّي فَتَجَاوَزْ لِي عَنْ يَزِيدَ، وَكُلُّ مَا طَلَبْتَهُ بِهِ فَهُوَ عَلَيَّ.
فَلَمَّا قَرَأَ الْوَلِيدُ كِتَابَهُ قَالَ: لَقَدْ أَشْفَقْنَا عَلَى سُلَيْمَانَ. ثُمَّ دَعَا ابْنَ أَخِيهِ، فَأَدْنَاهُ مِنْهُ، وَتَكَلَّمَ يَزِيدُ بْنُ الْمُهَلَّبِ فَحَمِدَ اللَّهَ، وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى رَسُولِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ بَلَاءَكُمْ عِنْدَنَا أَحْسَنُ الْبَلَاءِ، فَمَنْ يَنْسَى ذَلِكَ فَلَسْنَا نَاسِيهِ، وَمَنْ يَكْفُرُهُ فَلَسْنَا بِكَافِرِيهِ، وَقَدْ كَانَ مِنْ بَلَائِنَا أَهْلَ الْبَيْتِ فِي طَاعَتِكُمْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute