فَمَنَعُوهُمْ أَنْ يَنَالُوا مِنْهُ قَطْرَةً وَاحِدَةً، فَرَحَلُوا لَيْلَةَ الثُّلَاثَاءَ مُنْشَمِرِينَ بِمَا مَعَهُمْ مِنَ الْغَنَائِمِ، وَبُعِثَتْ رُءُوسُ جَمَاعَةٍ مِنَ الْفِرَنْجِ مِمَّنْ قُتِلَ فِي الْمَعْرَكَةِ فَنُصِبَتْ عَلَى الْقَلْعَةِ بِدِمَشْقَ، وَجَاءَ الْخَبَرُ فِي هَذَا الْوَقْتِ بِأَنَّ إِيَاسَ قَدْ أَحَاطَ بِهَا الْفِرَنْجَ، وَقَدْ أَخَذُوا الرُّبَضَ، وَهُمْ مُحَاصِرُونَ الْقَلْعَةَ، وَفِيهَا نَائِبُ الْبَلَدِ، وَذَكَرُوا أَنَّهُمْ قَتَلُوا خَلْقًا كَثِيرًا مِنْ أَهْلِهَا، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَذَهَبَ صَاحِبُ حَلَبَ فِي جَيْشٍ كَثِيفٍ نَحْوَهُمْ، وَاللَّهُ الْمَسْئُولُ أَنْ يُظْفِرَهُمْ بِهِمْ بِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ، وَشَاعَ بَيْنَ الْعَامَّةِ أَيْضًا أَنَّ الْإِسْكَنْدَرِيَّةَ مُحَاصَرَةٌ، وَلَمْ يَتَحَقَّقْ ذَلِكَ إِلَى الْآنِ، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ.
وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ رَابِعِ جُمَادَى الْآخِرَةِ قَدِمَ رُءُوسٌ مِنْ قَتْلَى الْفِرَنْجِ عَلَى صَيْدًا، وَهِيَ بِضْعٌ وَثَلَاثُونَ رَأْسًا، فَنُصِبَتْ عَلَى شُرُفَاتِ الْقَلْعَةِ، فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ بِذَلِكَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
وَفِي لَيْلَةِ الْأَرْبِعَاءِ الثَّانِي وَالْعِشْرِينَ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ وَقَعَ حَرِيقٌ عَظِيمٌ دَاخِلَ بَابِ الصَّغِيرِ مِنْ مَطْبَخِ السُّكَّرِ الَّذِي عِنْدَ السَّوِيقَةِ الْمُلَاصِقَةِ لِمَسْجِدِ الشَّنْبَاشِيِّ، فَاحْتَرَقَ الْمَطْبَخُ وَمَا حَوْلَهُ إِلَى حَمَّامِ أَبِي نَصْرٍ، وَاتَّصَلَ بِالسَّوِيقَةِ الْمَذْكُورَةِ وَمَا هُنَالِكَ مِنَ الْأَمَاكِنِ، فَكَانَ قَرِيبًا أَوْ أَكْثَرَ مِنَ الْحَرِيقِ ظَاهِرَ بَابِ الْفَرَجِ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ، وَحَضَرَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ وَقْتَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ، وَلَكِنْ كَانَ الرِّيحُ قَوِيًّا، وَذَلِكَ بِتَقْدِيرِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute