للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَوِيلًا مَهِيبًا لَا يَخَافُ مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْخُلَفَاءِ وَالْمُلُوكِ، وَيَرَى أَنَّهُ أَحَقُّ بِالْأَمْرِ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، وَكَانَ الْخَلِيفَةُ يَوَدُّ لَوْ حَضَرَ عِنْدَهُ لِيُكْرِمَهُ، وَكَانَ يَأْبَى مِنْ ذَلِكَ وَيَمْتَنِعُ مِنْهُ أَشَدَّ الِامْتِنَاعِ، وَلَمْ يَفِدْ إِلَى أَحَدٍ قَطُّ، وَلَا ذَلَّ لْخَلِيفَةٍ وَلَا مَلِكٍ، وَكَتَبَ إِلَيْهِ الْخَلِيفَةُ مَرَّةً يَسْتَدْعِيهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ:

وَلِي كَفُّ ضِرْغَامٍ أُذِلُّ بِبَطْشِهَا … وَأَشْرِي بِهَا بَيْنَ الْوَرَى وَأَبِيعُ

تَظَلُّ مُلُوكُ الْأَرْضِ تَلْثُمُ ظَهْرَهَا … وَفِي وَسْطِهَا لِلْمُجْدِبِينَ رَبِيعُ

أَأَجْعَلُهَا تَحْتَ الرَّحَى ثُمَّ أَبْتَغِى … خَلَاصًا لَهَا إِنِّي إِذًا لَرَقِيعُ

وَمَا أَنَا إِلَّا الْمِسْكُ فِي كُلِّ بُقْعَةٍ … يَضُوعُ وَأَمَّا عِنْدَكُمْ فَيَضِيعُ

وَقَدْ بَلَغَ مِنَ السِّنِّ سَبْعِينَ سَنَةً، وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَفَاتَهُ فِي سَنَةِ ثَمَانِي عَشْرَةَ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَفِيهَا تُوُفِّيَ مِنَ الْأَعْيَانِ:

الْمَلِكُ الْفَائِزُ

غِيَاثُ الدِّينِ إِبْرَاهِيمُ بْنُ الْعَادِلِ، كَانَ قَدِ انْتَظَمَ لَهُ الْأَمْرُ فِي الْمُلْكِ بَعْدَ أَبِيهِ، عَلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ عَلَى يَدَيِ الْأَمِيرِ عِمَادِ الدِّينِ بْنِ الْمَشْطُوبِ، لَوْلَا أَنَّ الْكَامِلَ تَدَارَكَ ذَلِكَ سَرِيعًا، ثُمَّ أَرْسَلَهُ أَخُوهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ إِلَى أَخِيهِمَا الْأَشْرَفِ مُوسَى يَسْتَحِثُّهُ فِي سُرْعَةِ الْمَسِيرِ إِلَيْهِمْ بِسَبَبِ الْفِرِنْجِ، فَمَاتَ بَيْنَ سِنْجَارَ

<<  <  ج: ص:  >  >>