للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَارِ أَبِي بَكْرَةَ كُوَّةٌ تُشْرِفُ عَلَى كُوَّةٍ فِي دَارِ الْمُغِيرَةِ، وَكَانَ لَا يَزَالُ بَيْنَ الْمُغِيرَةِ وَبَيْنَ أَبِي بَكْرَةَ شَنَآنٌ، فَبَيْنَمَا أَبُو بَكْرَةَ فِي دَارِهِ وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ يَتَحَدَّثُونَ فِي الْعُلِّيَّةِ، إِذْ فَتَحَتِ الرِّيحُ بَابَ الْكُوَّةِ، فَقَامَ أَبُو بَكْرَةَ لِيُغْلِقَهَا، فَإِذَا كُوَّةُ الْمُغِيرَةِ مَفْتُوحَةٌ، وَإِذَا هُوَ عَلَى صَدْرِ امْرَأَةٍ وَبَيْنَ رِجْلَيْهَا، وَهُوَ يُجَامِعُهَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ لِأَصْحَابِهِ: تَعَالَوْا فَانْظُرُوا إِلَى أَمِيرِكُمْ يَزْنِي بِأُمِّ جَمِيلٍ. فَقَامُوا فَنَظَرُوا إِلَيْهِ وَهُوَ يُجَامِعُ تِلْكَ الْمَرْأَةَ، فَقَالُوا لِأَبِي بَكْرَةَ: وَمَنْ أَيْنَ قُلْتَ إِنَّهَا أُمُّ جَمِيلٍ؟ وَكَانَ رَأْسَاهُمَا مِنَ الْجَانِبِ الْآخَرِ، فَقَالَ: انْتَظِرُوا. فَلَمَّا فَرَغَا قَامَتِ الْمَرْأَةُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرَةَ: هَذِهِ أُمُّ جَمِيلٍ. فَعَرَفُوهَا فِيمَا يَظُنُّونَ، فَلَمَّا خَرَجَ الْمُغِيرَةُ - وَقَدِ اغْتَسَلَ - لِيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ مَنَعَهُ أَبُو بَكْرَةَ أَنْ يَتَقَدَّمَ. وَكَتَبُوا إِلَى عُمَرَ فِي ذَلِكَ، فَوَلَّى عُمَرُ أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ أَمِيرًا عَلَى الْبَصْرَةِ وَعَزَلَ الْمُغِيرَةَ، فَسَارَ إِلَى الْبَصْرَةِ فَنَزَلَ بِالْمِرْبَدِ، فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: وَاللَّهِ مَا جَاءَ أَبُو مُوسَى تَاجِرًا وَلَا زَائِرًا وَلَا جَاءَ إِلَّا أَمِيرًا. ثُمَّ قَدِمَ أَبُو مُوسَى عَلَى النَّاسِ، وَنَاوَلَ الْمُغِيرَةَ كِتَابًا مِنْ عُمَرَ، هُوَ أَوْجَزُ كِتَابٍ، فِيهِ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّهُ بَلَغَنِي نَبَأٌ عَظِيمٌ، فَبَعَثْتُ أَبَا مُوسَى أَمِيرًا، فَسَلِّمْ مَا فِي يَدَيْكَ، وَالْعَجَلَ. وَكَتَبَ إِلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ إِنِّي قَدْ وَلَّيْتُ عَلَيْكُمْ أَبَا مُوسَى لِيَأْخُذَ مِنْ قَوِيِّكُمْ لِضَعِيفِكُمْ، وَلِيُقَاتِلَ بِكُمْ عَدُوَّكُمْ، وَلِيَدْفَعَ عَنْ دِينِكُمْ، وَلِيَجْبِيَ لَكُمْ فَيْئَكُمْ، ثُمَّ يَقْسِمَهُ فِيكُمْ. وَأَهْدَى الْمُغِيرَةُ لِأَبِي مُوسَى جَارِيَةً مِنْ مُوَلَّدَاتِ الطَّائِفِ تُسَمَّى عَقِيلَةَ، وَقَالَ: إِنِّي رَضِيتُهَا لَكَ. وَكَانَتْ فَارِهَةً. وَارْتَحَلَ الْمُغِيرَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>