للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَمْرِ اللَّهِ مَا تَرَى، وَكُنَّا نَأْمُرُكَ بِالتَّزَوُّجِ فِي شَبَابِكَ فَتَأْبَى. وَهَذَا أَخُوكَ الْخَزْرَجُ لَهُ خَمْسَةُ بَنِينَ، وَلَيْسَ لَكَ وَلَدٌ غَيْرَ مَالِكٍ فَقَالَ: لَنْ يَهْلَكَ هَالِكٌ تَرَكَ مِثْلَ مَالِكٍ إِنَّ الَّذِي يُخْرِجُ النَّارَ مِنَ الْوَثِيمَةِ، قَادِرٌ أَنْ يَجْعَلَ لِمَالِكٍ نَسْلًا وَرِجَالًا بُسْلًا، وَكُلٌّ إِلَى الْمَوْتِ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى مَالِكٍ، وَقَالَ: أَيْ بُنَيَّ الْمَنِيَّةُ وَلَا الدَّنِيَّةُ، الْعِقَابُ وَلَا الْعِتَابُ، التَّجَلُّدُ وَلَا التَّلَدُّدُ، الْقَبْرُ خَيْرٌ مِنَ الْفَقْرِ، إِنَّهُ مَنْ قَلَّ ذَلَّ، وَمَنْ كَرَّ فَرَّ، وَمِنْ كَرَمِ الْكَرِيمِ الدَّفْعُ عَنِ الْحَرِيمِ وَالدَّهْرُ يَوْمَانِ; فَيَوْمٌ لَكَ وَيَوْمٌ عَلَيْكَ، فَإِذَا كَانَ لَكَ فَلَا تَبْطَرْ، وَإِذَا كَانَ عَلَيْكَ فَاصْطَبِرْ، وَكُلَاهُمَا سَيَنْحَسِرُ لَيْسَ يُفْلِتُ مِنْهُمَا الْمَلِكُ الْمُتَوَّجُ وَلَا اللَّئِيمُ الْمُعَلْهَجُ، سَلِّمْ لِيَوْمِكَ حِيَالَ رَبِّكَ. ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

شَهِدْتُ السَّبَايَا يَوْمَ آلِ مُحَرَّقٍ ... وَأَدْرَكَ عُمُرِي صَيْحَةَ اللَّهِ فِي الْحِجْرِ

فَلَمْ أَرَ ذَا مُلْكٍ مِنَ النَّاسِ وَاحِدًا ... وَلَا سُوقَةً إِلَّا إِلَى الْمَوْتِ وَالْقَبْرِ

فَعَلَّ الَّذِي أَرْدَى ثَمُودًا وَجُرْهُمًا ... سَيُعْقِبُ لِي نَسْلًا عَلَى آخِرِ الدَّهْرِ

تَقَرُّ بِهِمْ مِنْ آلِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ ... عُيُونٌ لَدَى الدَّاعِي إِلَى طَلَبِ الْوَتْرِ

فَإِنْ لَمْ تَكُ الْأيَّامُ أَبْلَيْنَ جَدَّتِي ... وَشَيَّبْنَ رَأْسِي وَالْمَشِيبُ مَعَ الْعُمُرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>