خَالِدٌ وَتَلَقَّاهُ عَقَّةُ، فَلَمَّا تَوَاجَهُوا قَالَ خَالِدٌ لِمُجَنِّبَتَيْهِ: احْفَظُوا مَكَانَكُمْ فَإِنِّي حَامِلٌ. وَأَمَرَ حُمَاتَهُ أَنْ يَكُونُوا مِنْ وَرَائِهِ، وَحَمَلَ عَلَى عَقَّةَ وَهُوَ يُسَوِّي الصُّفُوفَ، فَاحْتَضَنَهُ وَأَسَرَهُ، وَانْهَزَمَ جَيْشُ عَقَّةَ مِنْ غَيْرِ قِتَالٍ، فَأَكْثَرُوا فِيهِمُ الْأَسْرَ، وَقَصَدَ خَالِدٌ حِصْنَ عَيْنِ التَّمْرِ، فَلَمَّا بَلَغَ مِهْرَانَ هَزِيمَةُ عَقَّةَ وَجَيْشِهِ، نَزَلَ مِنَ الْحِصْنِ وَهَرَبَ وَتَرَكَهُ، وَرَجَعَتْ فُلَّالُ نَصَارَى الْأَعْرَابِ إِلَى الْحِصْنِ، فَوَجَدُوهُ مَفْتُوحًا فَدَخَلُوهُ وَاحْتَمَوْا بِهِ، فَجَاءَ خَالِدٌ فَأَحَاطَ بِهِ، وَحَاصَرَهُمْ أَشَدَّ الْحِصَارِ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ سَأَلُوهُ الصُّلْحَ، فَأَبَى إِلَّا أَنْ يَنْزِلُوا عَلَى حُكْمِهِ، فَنَزَلُوا عَلَى حُكْمِ خَالِدٍ، فَجُعِلُوا فِي السَّلَاسِلِ وَتَسَلَّمَ الْحِصْنَ، ثُمَّ أَمَرَ فَضُرِبَتْ عُنُقُ عَقَّةَ، وَمَنْ كَانَ أُسِرَ مَعَهُ، وَالَّذِينَ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِهِ أَيْضًا أَجْمَعِينَ، وَغَنِمَ جَمِيعَ مَا كَانَ فِي ذَلِكَ الْحِصْنِ، وَوَجَدَ فِي الْكَنِيسَةِ الَّتِي بِهِ أَرْبَعِينَ غُلَامًا يَتَعَلَّمُونَ الْإِنْجِيلَ، وَعَلَيْهِمْ بَابٌ مُغْلَقٌ، فَكَسَرَهُ خَالِدٌ وَفَرَّقَهُمْ فِي الْأُمَرَاءِ وَأَهْلِ الْغَنَاءِ، وَكَانَ فِيهِمْ حُمْرَانُ، صَارَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ مِنَ الْخُمُسِ، وَمِنْهُمْ سِيرِينُ وَالِدُ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، أَخَذَهُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَجَمَاعَةٌ آخَرُونَ مِنَ الْمَوَالِي الْمَشَاهِيرِ أَرَادَ اللَّهُ بِهِمْ وَبِذَرَارِيِّهِمْ خَيْرًا.
وَلَمَّا قَدِمَ الْوَلِيدُ بْنُ عُقْبَةَ عَلَى الصِّدِّيقِ بِالْخُمُسِ رَدَّهُ الصِّدِّيقُ إِلَى عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ مَدَدًا لَهُ وَهُوَ مُحَاصِرٌ دُومَةَ الْجَنْدَلِ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ وَجَدَهُ فِي نَاحِيَةٍ مِنَ الْعِرَاقِ يُحَاصِرُ قَوْمًا وَهُمْ قَدْ أَخَذُوا عَلَيْهِ الطُّرُقَ، فَهُوَ مَحْصُورٌ أَيْضًا، فَقَالَ عِيَاضٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute