ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسِتِّمِائَةٍ
فِيهَا جَرَتْ أُمُورٌ طَوِيلَةٌ بِالْمَشْرِقِ بَيْنَ الْغُورِيَّةِ وَالْخُوَارِزْمِيَّةِ، وَمَلَكَ خُوَارِزْمُ شَاهْ بْنُ تِكِشَ بِلَادَ الطَّالْقَانِ. وَفِيهَا وَلَّى الْخَلِيفَةُ قَضَاءَ الْقُضَاةِ بِبَغْدَادَ لِعِمَادِ الدِّينِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الدَّامَغَانِيِّ.
وَفِيهَا قَبَضَ الْخَلِيفَةُ عَلَى عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ الْجِيلَانِيِّ، بِسَبَبِ فِسْقِهِ وَفُجُورِهِ، وَقَدْ أُحْرِقَتْ كُتُبُهُ وَأَمْوَالُهُ قَبْلَ ذَلِكَ; لِمَا فِيهَا مِنْ كُتُبِ الْفَلَاسِفَةِ، وَعُلُومِ الْأَوَائِلِ، وَأَصْبَحَ يَسْتَعْطِي مِنَ النَّاسِ، وَهَذَا بِخَطِيئَةِ قِيَامِهِ عَلَى الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ بْنِ الْجَوْزِيِّ; فَإِنَّهُ هُوَ الَّذِي كَانَ وَشَى بِهِ إِلَى الْوَزِيرِ ابْنِ الْقَصَّابِ حَتَّى أُحْرِقَتْ بَعْضُ كُتُبِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ، وَخَتَمَ عَلَى بَقِيَّتِهَا، وَنُفِيَ إِلَى وَاسِطٍ خَمْسَ سِنِينَ، كَمَا تَقَدَّمَ بَيَانُ ذَلِكَ، وَالنَّاسُ يَقُولُونَ: فِي اللَّهِ كِفَايَةٌ. وَفِي الْقُرْآنِ: وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا [الشُّورَى: ٤٠] وَالصُّوفِيَّةُ يَقُولُونَ: الطَّرِيقُ تَأْخُذُ حَقَّهَا. وَالْأَطِبَّاءُ يَقُولُونَ: الطَّبِيعَةُ مُكَافِئَةٌ.
وَفِيهَا نَازَلَتِ الْفِرِنْجُ حِمْصَ فَقَاتَلَهُمْ مَلِكُهَا أَسَدُ الدِّينِ شِيرَكُوهْ بْنُ نَاصِرِ الدِّينِ مُحَمَّدِ بْنِ أَسْدِ الدَّيْنِ شِيرَكُوهْ الْكَبِيرِ، وَأَعَانَهُ بِالْمَدَدِ الْمَلِكُ الظَّاهِرُ صَاحِبُ حَلَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute