وَتَكَامَلَ فِي هَذَا الشَّهْرِ تَجْدِيدُ الرِّوَاقِ غَرْبِيِّ بَابِ النَّاطَفَانِيِّينَ إِصْلَاحًا لِدَرَابِزِينَاتِهِ، وَتَبْيِيضًا لِجُدْرَانِهِ وَمِحْرَابٍ فِيهِ، وَجُعِلَ لَهُ شَبَابِيكُ فِي الدَّرَابْزِينَاتِ، وَوُقِفَ فِيهِ قِرَاءَةُ قُرْآنٍ بَعْدَ الْمَغْرِبِ، وَذَكَرُوا أَنَّ شَخْصًا رَأَى مَنَامًا فَقَصَّهُ عَلَى نَائِبِ السَّلْطَنَةِ فَأَمَرَ بِإِصْلَاحِهِ. وَفِيهِ نَهَضَ بِنَاءُ الْمَدْرَسَةِ الَّتِي إِلَى جَانِبِ هَذَا الْمَكَانِ مِنَ الشُّبَّاكِ، وَقَدْ كَانَ أَسَّسَهَا أَوَّلًا نَجْمُ الدِّينِ غُلَامُ ابْنُ هِلَالٍ، فَلَمَّا صُودِرَ أُخِذَتْ مِنْهُ، وَجُعِلَتْ مُضَافَةً إِلَى السُّلْطَانِ، فَبَنَوْا فَوْقَ الْأَسَاسَاتِ، وَجَعَلُوا لَهَا خَمْسَةَ شَبَابِيكَ مِنْ شَرْقِهَا، وَبَابًا قِبْلِيًّا، وَمِحْرَابًا، وَبِرْكَةً، وَعِرَاقِيَّةً، وَجَعَلُوا حَائِطَهَا بِالْحِجَارَةِ الْبِيضِ وَالسُّودِ، وَكَمَّلُوا عَالِيَهَا بِالْآجُرِّ، وَجَاءَتْ فِي غَايَةِ الْحُسْنِ، وَقَدْ كَانَ السُّلْطَانُ النَّاصِرُ حَسَنٌ قَدْ رَسَمَ بِأَنْ تُجْعَلَ مَكْتَبًا لِلْأَيْتَامِ، فَلَمْ يَتِمَّ أَمْرُهَا حَتَّى قُتِلَ، كَمَا ذَكَرْنَا.
وَاشْتَهَرَ فِي هَذَا الشَّهْرِ أَنَّ بَقَرَةً كَانَتْ تَجِيءُ مِنْ نَاحِيَةِ بَابِ الْجَابِيَةِ تَقْصِدُ جِرَاءً لِكَلْبَةٍ، قَدْ مَاتَتْ أُمُّهُمْ، وَهِيَ فِي نَاحِيَةِ كَنِيسَةِ مَرْيَمَ فِي خَرَابَةٍ، فَتَجِيءُ إِلَيْهِمْ فَتَنْسَطِحُ عَلَى شِقِّهَا فَتَرْضَعُ أُولَئِكَ الْجِرَاءُ مِنْهَا، تَكَرَّرَ هَذَا مِنْهَا مِرَارًا، وَأَخْبَرَنِي الْمُحَدِّثُ الْمُفِيدُ التَّقِيُّ نُورُ الدِّينِ أَحْمَدُ بْنُ الْمَقْصُوصِ بِمُشَاهَدَتِهِ ذَلِكَ.
وَفِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ نَادَى مُنَادٍ مِنْ جِهَةِ نَائِبِ السَّلْطَنَةِ - حَرَسَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْبَلَدِ أَنَّ النِّسَاءَ يَمْشِينَ فِي تَسَتُّرٍ، وَيَلْبَسْنَ أُزُرَهُنَّ إِلَى أَسْفَلَ مِنْ سَائِرِ ثِيَابِهِنَّ، وَلَا يُظْهِرْنَ زِينَةً وَلَا يَدًا، فَامْتَثَلْنَ ذَلِكَ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute