فَصْلٌ
وَكَتَبَ الْقَاضِي الْفَاضِلُ كِتَابًا بَلِيغًا عَنِ السُّلْطَانِ إِلَى مَلِكِ الْغَرْبِ أَمِيرِ الْمُسْلِمِينَ وَسُلْطَانِ جَيْشِ الْمُوَحِّدِينَ يَعْقُوبَ بْنِ يُوسُفَ بْنِ عَبْدِ الْمُؤْمِنِ يَسْتَنْجِدُ بِهِ فِي إِرْسَالِ مَرَاكِبَ فِي الْبَحْرِ تَكُونُ عَوْنًا لِلْمُسْلِمِينَ عَلَى الْمَرَاكِبِ الْإِفْرِنْجِيَّةِ فَمِنْهُ عِبَارَةٌ طَوِيلَةٌ فَصِيحَةٌ بَلِيغَةٌ مَلِيحَةٌ حَكَاهَا الشَّيْخُ شِهَابُ الدِّينِ بِطُولِهَا وَحُسْنِهَا وَبَعَثَ السُّلْطَانُ صَلَاحُ الدِّينِ مَعَ ذَلِكَ بِهَدِيَّةٍ سَنِيَّةٍ مِنَ التُّحَفِ وَالْأَلْطَافِ وَذَلِكَ كُلُّهُ صُحْبَةَ الْأَمِيرِ الْكَبِيرِ شَمْسِ الدِّينِ أَبِي الْحَزْمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُنْقِذٍ وَكَانَ ابْتِدَاءُ سَيْرِهِ فِي الْبَحْرِ فِي ثَامِنِ ذِي الْقَعْدَةِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ فَدَخَلَ عَلَى سُلْطَانِ الْمَغْرِبِ فِي الْعِشْرِينَ مِنْ ذِي الْحِجَّةِ فَأَقَامَ عِنْدَهُ إِلَى عَاشُورَاءَ مِنَ الْمُحَرَّمِ مِنْ سَنَةِ ثَمَانٍ وَثَمَانِينَ وَلَمْ يُفِدْ هَذَا الْإِرْسَالُ شَيْئًا ; لِأَنَّ السُّلْطَانَ تَغَضَّبَ إِذْ لَمْ يُلَقَّبْ بِأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَكَانَتْ إِشَارَةُ الْفَاضِلِ إِلَى عَدَمِ الْإِرْسَالِ إِلَيْهِ وَالتَّعْوِيلِ عَلَيْهِ، وَلَكِنْ وَقَعَ مَا وَقَعَ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ حَصَلَ لِلسُّلْطَانِ سُوءُ مِزَاجٍ مِنْ كَثْرَةِ مَا يُكَابِدُهُ مِنَ الْأُمُورِ الَّتِي هِيَ أَمَرُّ مِنَ الْأُجَاجِ فَطَمِعَ الْعَدُوُّ الْمَخْذُولُ - لَعَنَهُمُ اللَّهُ - فِي الْإِسْلَامِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute