للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَصْلُوبٍ وَالثَّالِثُ بِمَعْنَى الْقَوِيِّ، وَالرَّابِعُ وَدَكُ الْعِظَامِ.

وَلَمَّا صَلَبَ الْمَلِكُ النَّاصِرُ هَؤُلَاءِ - وَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ السَّبْتِ الثَّانِي مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ بَيْنَ الْقَصْرَيْنِ مِنَ الْقَاهِرَةِ - كَتَبَ إِلَى الْمَلِكِ نُورِ الدِّينِ يُعْلِمُهُ بِمَا وَقَعَ مِنْهُمْ وَمَا أَوْقَعَ بِهِمْ مِنَ الْخِزْيِ وَالنَّكَالِ، قَالَ الْعِمَادُ: فَوَصَلَ الْكِتَابُ بِذَلِكَ يَوْمَ تُوُفِّيَ الْمَلِكُ نُورُ الدِّينِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى. وَكَذَلِكَ قَتَلَ الْمَلِكُ صَلَاحُ الدِّينِ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ يُقَالُ لَهُ: قُدَيْدٌ الْقَفَّاصُ. قَدِ افْتَتَنَ بِهِ النَّاسُ وَجَعَلُوا لَهُ جُزْءًا مِنْ أَكْسَابِهِمْ حَتَّى النِّسَاءُ مِنْ أَمْوَالِهِنَّ فَأُحِيطَ بِهِ فَأَرَادَ الْخَلَاصَ، وَلَاتَ حِينَ مَنَاصٍ. فَقُتِلَ أُسْوَةً بِمَنْ سَلَفَ، وَلَقَدْ كَانَ بِئْسَ الْخَلَفُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ وَبِهِ التَّوْفِيقُ وَالْعِصْمَةُ.

وَمِمَّا وُجِدَ مِنْ شِعْرِ عُمَارَةَ يَرْثِي الْعَاضِدَ وَدَوْلَتَهُ وَأَيَّامَهُ:

أَسَفِي عَلَى زَمَنِ الْإِمَامِ الْعَاضِدِ ... أَسَفُ الْعَقِيمِ عَلَى فِرَاقِ الْوَاحِدِ

جَالَسْتُ مِنْ وُزَرَائِهِ وَصَحِبْتُ مِنْ ... أُمَرَائِهِ أَهْلَ الثَّنَاءِ الَمَاجِدِ

لَهْفِي عَلَى حُجُرَاتِ قَصْرِكَ إِذْ خَلَتْ ... يَا ابْنَ النَّبِيِّ مِنَ ازْدِحَامِ الْوَافِدِ

وَعَلَى انْفِرَادِكَ مِنْ عَسَاكِرِكَ الَّذِي ... كَانُوا كَأَمْوَاجِ الْخِضَمِّ الرَّاكِدِ

قَلَّدْتَ مُؤْتَمِنَ الْخِلَافَةِ أَمْرَهُمْ ... فَكَبَا وَقَصَّرَ عَنْ صَلَاحِ الْفَاسِدِ

فَعَسَى اللَّيَالِي أَنْ تَرُدَّ عَلَيْكُمُ ... مَا عَوَّدَتْكُمْ مِنْ جَمِيلِ عَوَائِدِ

<<  <  ج: ص:  >  >>