للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَظِيمًا، فَلَمَّا أَنْشَدَهُ إِيَّاهُ لَمْ يَقَعْ مِنْهُ هَذَا الْبَيْتُ مَوْقِعًا طَائِلًا، فَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ، فَلَقِيَهُ شَاعِرٌ آخَرُ، فَقَالَ: أَلَا أُعَجَّبُكَ؟ أَنْشَدْتُ الْمَأْمُونَ هَذَا الْبَيْتَ فَلَمْ يَرْفَعْ بِهِ رَأْسًا. فَقَالَ: وَمَا هُوَ؟ قَالَ: قُلْتُ فِيهِ:

أَضْحَى إِمَامُ الْهُدَى الْمَأْمُونُ مُشْتَغِلًا ... بِالدِّينِ وَالنَّاسُ بِالدُّنْيَا مَشَاغِيلُ

فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ الشَّاعِرُ الْآخَرُ: مَا زِدْتَ عَلَى أَنْ جَعَلْتَهُ عَجُوزًا فِي مِحْرَابِهَا، فَهَلَّا قُلْتَ كَمَا قَالَ جَرِيرٌ فِي عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ الْوَلِيدِ:

فَلَا هُوَ فِي الدُّنْيَا مُضَيِّعٌ نَصِيبَهُ ... وَلَا عَرَضُ الدُّنْيَا عَنِ الدِّينِ شَاغِلُهُ

وَقَالَ الْمَأْمُونُ يَوْمًا لِبَعْضِ جُلَسَائِهِ: بَيْتَانِ لِاثْنَيْنِ مَا لَحِقَهُمَا أَحَدٌ؛ قَوْلُ أَبِي نُوَاسٍ:

إِذَا اخْتَبَرَ الدُّنْيَا لَبِيبٌ تَكَشَّفَتْ ... لَهُ عَنْ عَدُوٍّ فِي لِبَاسِ صَدِيقِ

وَقَوْلُ شُرَيْحٍ

تَهُونُ عَلَى الدُّنْيَا الْمَلَامَةُ إِنَّهُ ... حَرِيصٌ عَلَى اسْتِصْلَاحِهَا مَنْ يَلُومُهَا

قَالَ الْمَأْمُونُ: وَقَدْ أَلْجَأَنِي الزِّحَامُ يَوْمًا وَأَنَا فِي الْمَوْكِبِ حَتَّى خَالَطْتُ

<<  <  ج: ص:  >  >>