فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْأَحَدِ الْخَامِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ وَرَدَ مُقَدَّمُ الْبَرِيدِيَّةِ وَمَعَهُ كُتُبُ الْمِصْرِيِّينَ بِأَنَّهُ لَمَّا بَلَغَهُمْ خَبَرُ الشَّامِيِّينَ كَانَ عِنْدَهُمْ مِنْ أَمْرِ السُّلْطَانِ أَضْعَافُ مَا حَصَلَ عِنْدَ الشَّامِيِّينَ، فَبَادَرُوا إِلَى مَا كَانُوا عَزَمُوا عَلَيْهِ، وَلَكِنْ تَرَدَّدُوا خَوْفًا مِنَ الشَّامِيِّينَ أَنْ يُخَالِفُوهُمْ فِيهِ وَيَتَقَدَّمُوا فِي صُحْبَةِ السُّلْطَانِ لِقِتَالِهِمْ، فَلَمَّا اطْمَأَنُّوا مِنْ جِهَةِ الشَّامِيِّينَ صَمَّمُوا عَلَى عَزْمِهِمْ، فَخَلَعُوا النَّاصِرَ أَحْمَدَ وَمَلَّكُوا عَلَيْهِمْ أَخَاهُ الْمَلِكَ الصَّالِحَ إِسْمَاعِيلَ ابْنَ النَّاصِرِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَنْصُورِ، جَعَلَهُ اللَّهُ مُبَارَكًا عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَأَجْلَسُوهُ عَلَى السَّرِيرِ يَوْمَ الثُّلَاثَاءِ الْعِشْرِينَ مِنَ الْمُحَرَّمِ الْمَذْكُورِ، وَجَاءَ كِتَابُهُ مُسَلِّمًا عَلَى أُمَرَاءَ الشَّامِ وَمُقَدَّمِيهِ، وَجَاءَتْ كُتُبُ الْأُمَرَاءِ عَلَى الْأُمَرَاءِ بِالسَّلَامِ وَالْأَخْبَارِ بِذَلِكَ، فَفَرِحَ الْمُسْلِمُونَ وَأُمَرَاءُ الشَّامِ وَالْخَاصَّةُ وَالْعَامَّةُ بِذَلِكَ فَرَحًا شَدِيدًا، وَدَقَّتِ الْبَشَائِرُ بِالْقَلْعَةِ الْمَنْصُورَةِ يَوْمَئِذٍ، وَرُسِمَ بِتَزْيِينِ الْبَلَدِ، فَزَيَّنَ النَّاسُ صَبِيحَةَ الثُّلَاثَاءِ السَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْهُ. وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ سَلْخُ الْمُحَرَّمِ خُطِبَ بِدِمَشْقَ لِلْمَلِكِ الصَّالِحِ عِمَادِ الدُّنْيَا وَالدِّينِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ النَّاصِرِ بْنِ الْمَنْصُورِ.
وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ سَادِسِ صَفَرٍ دَرَّسَ بِالصَّدْرِيَّةِ صَاحِبُنَا الْإِمَامُ الْعَلَّامَةُ شَمْسُ الدِّينِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَيُّوبَ الزُّرَعِيُّ إِمَامُ الْجَوْزِيَّةِ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بْنُ الْمُنَجَّا - الَّذِي نَزَلَ لَهُ عَنْهَا - وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْفُضَلَاءِ.
وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ سَابِعَ عَشَرَ صَفَرٍ دَخَلَ الْأَمِيرُ سَيْفُ الدِّينِ طُقُزْدَمُرُ مِنَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ إِلَى دِمَشْقَ ذَاهِبًا إِلَى نِيَابَةِ حَلَبَ الْمَحْرُوسَةِ، فَنَزَلَ بِالْقَابُونِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute