الْجَيْشِ، فَشَنَّ الْغَارَةَ عَلَى طَرَابُلُسِ وَأَعْمَالِهَا، فَنَهَبَ وَقَتَلَ وَأَرْعَبَ، وَكَرَّ رَاجِعًا مُؤَيَّدًا مَنْصُورًا، فَنَزَلَ عَلَى حِصْنِ الْأَكْرَادِ تَحْتَهُ فِي الْمَرْجِ، فَحَمَلَ إِلَيْهِ أَهْلُهُ مِنَ الْفِرِنْجِ الْإِقَامَاتِ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَهَا وَقَالَ: أَنْتُمْ قَتَلْتُمْ جُنْدِيًّا مِنْ جَيْشِي، وَأُرِيدُ دِيَتَهُ مِائَةَ أَلْفِ دِينَارٍ. ثُمَّ سَارَ، فَنَزَلَ عَلَى حِمْصَ، ثُمَّ مِنْهَا إِلَى حَمَاةَ، ثُمَّ إِلَى أَفَامِيَةَ، ثُمَّ سَارَ مَنْزِلَةً أُخْرَى، ثُمَّ سَارَ لَيْلًا، وَتَقَدَّمَ الْعَسْكَرُ فَلَبِسُوا الْعُدَّةَ، وَسَاقَ حَتَّى أَحَاطَ بِمَدِينَةِ أَنْطَاكِيَةَ.
[فَتَحُ أَنْطَاكِيَةَ عَلَى يَدِ السُّلْطَانِ الْمَلِكِ الظَّاهِرِ]
وَهِيَ مَدِينَةٌ عَظِيمَةٌ كَثِيرَةُ الْخَيْرِ، يُقَالُ: إِنَّ دَوْرَ سُورِهَا اثْنَا عَشَرَ مِيلًا، وَعَدَدُ بُرُوجِهَا مِائَةٌ وَسِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ بُرْجًا، وَعَدَدُ شُرُفَاتِهَا أَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفَ شُرْفَةٍ، كَانَ نُزُولُهُ عَلَيْهَا فِي مُسْتَهَلِّ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُهَا يَطْلُبُونَ مِنْهُ الْأَمَانَ، وَشَرَطُوا شُرُوطًا عَلَيْهِمْ لَهُ، فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهُمْ وَرَدَّهُمْ خَائِبِينَ، وَصَمَّمَ عَلَى حِصَارِهَا، فَفَتَحَهَا يَوْمَ السَّبْتِ رَابِعَ شَهْرِ رَمَضَانَ بِحَوْلِ اللَّهِ وَقُوَّتِهِ وَتَأْيِيدِهِ وَنَصْرِهِ، وَغَنِمَ مِنْهَا شَيْئًا كَثِيرًا وَأَطْلَقَ لِلْأُمَرَاءِ أَمْوَالًا جَزِيلَةً، وَوَجَدَ مِنْ أُسَارَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute