للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثِنْتَيْنِ وَسِتِّينَ وَخَمْسِمِائَةٍ

فِيهَا أَقْبَلَتِ الْفِرِنْجُ فِي جَحَافِلَ كَثِيرَةٍ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ وَسَاعَدَهُمُ الْمِصْرِيُّونَ، فَتَصَرَّفُوا فِي بَعْضِ الْبِلَادِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَسَدَ الدِّينِ شِيرَكُوهْ، بْنَ شَاذِيٍّ فَاسْتَأْذَنَ الْمَلِكَ نُورَ الدِّينِ فِي الْعَوْدِ إِلَيْهَا - وَكَانَ كَثِيرَ الْحَنَقِ عَلَى الْوَزِيرِ شَاوَرَ - فَأَذِنَ لَهُ، فَسَارَ إِلَيْهَا فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ، وَمَعَهُ ابْنُ أَخِيهِ صَلَاحُ الدِّينِ يُوسُفُ بْنُ أَيُّوبَ، وَقَدْ وَقَعَ فِي النُّفُوسِ أَنَّهُ سَيَمْلِكُ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ، وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ عَرْقَلَةُ الْمُسَمَّى بِحَسَّانَ الشَّاعِرُ:

أَقُولُ وَالْأَتْرَاكُ قَدْ أَزْمَعَتْ … مِصْرَ إِلَى حَرْبِ الْأَعَارِيبِ

رَبِّ كَمَا مَلَّكْتَهَا يَوسُفَ الصِّ … دِّيقَ مِنْ أَوْلَادِ يَعْقُوبِ

يَمْلِكُهَا فِي عَصْرِنَا يُوسُفُ الصَّ … ادِقُ مِنْ أَوْلَادِ أَيُّوبِ

مَنْ لَمْ يَزَلْ ضَرَّابَ هَامِ الْعِدَا … حَقًّا وَضَرَّابَ الْعَرَاقِيبِ

وَلَمَّا بَلَغَ الْوَزِيرَ شَاوَرَ قَدُومُ أَسَدِ الدِّينِ وَالْجَيْشُ مَعَهُ بَعَثَ إِلَى الْفِرِنْجِ فَجَاءُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ إِلَيْهِ وَبَلَغَ أَسَدَ الدِّينِ ذَلِكَ مِنْ شَأْنِهِمْ - وَإِنَّمَا مَعَهُ أَلْفَا فَارِسٍ - فَاسْتَشَارَ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ فَكُلُّهُمْ أَشَارَ عَلَيْهِ بِالرُّجُوعِ إِلَى نُورِ الدِّينِ لِكَثْرَةِ الْفِرِنْجِ، إِلَّا أَمِيرًا وَاحِدًا يُقَالُ لَهُ: شَرَفُ الدِّينِ بُزْغُشُ; فَإِنَّهُ قَالَ: مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>