للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَغَيْرَهَا، وَأَطْلَقَ سَلَمْيَةَ لِلْأَمِيرِ شَرَفِ الدِّينِ عِيسَى بْنِ مُهَنَّا بْنِ مَانِعٍ أَمِيرِ الْعَرَبِ، وَاتَّبَعَ الْأَمِيرُ رُكْنُ الدِّينِ بِيبَرْسُ الْبُنْدُقْدَارِيُّ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الشُّجْعَانِ التَّتَارَ يَقْتُلُونَهُمْ فِي كُلِّ مَكَانٍ، إِلَى أَنْ وَصَلُوا خَلْفَهُمْ إِلَى حَلْبَ، وَهَرَبَ مَنْ بِدِمَشْقَ مِنْهُمْ، وَكَانَ هَرَبُهُمْ مِنْهَا يَوْمَ الْأَحَدِ السَّابِعَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَمَضَانَ صَبِيحَةَ النَّصْرِ الَّذِي جَاءَتْ فِيهِ الْبِشَارَةُ بِالنُّصْرَةِ عَلَى عَيْنِ جَالُوتَ، فَتَبِعَهُمُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ دِمَشْقَ يَقْتُلُونَ وَيَأْسِرُونَ وَيَنْهَبُونَ الْأَمْوَالَ فِيهِمْ، وَيَسْتَفِكُّونَ الْأُسَارَى مِنْ أَيْدِيهِمْ قَهْرًا، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَنُ عَلَى جَبْرِهِ الْإِسْلَامَ، وَمُعَامَلَتِهِ إِيَّاهُمْ بِلُطْفِهِ الْحَسَنِ.

وَجَاءَتْ بِذَلِكَ الْبِشَارَةُ السَّارَّةُ، فَجَاوَبَتْهَا الْبَشَائِرُ مِنَ الْقَلْعَةِ الْمَنْصُورَةِ وَفَرِحَ الْمُؤْمِنُونَ يَوْمئِذٍ بِنَصْرِ اللَّهِ فَرَحًا شَدِيدًا، وَأَيْدَ اللَّهُ الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ تَأْيِيدًا، وَكُبِتَ أَعْدَاءُ اللَّهِ النَّصَارَى وَالْيَهُودُ وَالْمُنَافِقُونَ، وَظَهَرَ دِينُ اللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ، وَنَصَرَ اللَّهُ دِينَهُ وَنَبِيَّهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ.

فَتَبَادَرَ عِنْدَ ذَلِكَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى كَنِيسَةِ النَّصَارَى الَّتِي خَرَجَ مِنْهَا الصَّلِيبُ، فَانْتَهَبُوا مَا فِيهَا وَأَحْرَقُوهَا وَأَلْقَوُا النَّارَ فِيمَا حَوْلَهَا، فَاحْتَرَقَتْ دُورٌ كَثِيرَةٌ لِلنَّصَارَى، وَمَلَأَ اللَّهُ بُيُوتَهُمْ وَقُبُورَهُمْ نَارًا، وَأَحْرَقَ بَعْضَ كَنِيسَةِ الْيَعَاقِبَةِ، وَهَمَّتْ طَائِفَةٌ بِنَهْبِ الْيَهُودِ، فَقِيلَ لَهُمْ: إِنَّهُمْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ فِيمَا ظَهَرَ مِنَ الطُّغْيَانِ كَمَا كَانَ عَلَى عَبَدَةِ الصُّلْبَانِ. وَقَتَلَتِ الْعَامَّةُ فِي وَسَطِ الْجَامِعِ شَيْخًا رَافِضِيًّا كَانَ مُصَانِعًا لِلتَّتَارِ عَلَى أَمْوَالِ النَّاسِ يُقَالُ لَهُ: الْفَخْرُ مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ الْكَنْجِيُّ. كَانَ خَبِيثَ الطَّوِيَّةِ مَشْرِقِيًّا مُمَالِئًا لَهُمْ عَلَى أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ، قَبَّحَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَقَتَلُوا جَمَاعَةً مِثْلَهُ مِنَ الْمُنَافِقِينَ الْمُمَالِئَيْنِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: ٤٥] .

وَقَدْ كَانَ السُّلْطَانُ هُولَاكُو أَرْسَلَ تَقْلِيدًا بِوِلَايَةِ الْقَضَاءِ عَلَى جَمِيعِ الْمَدَائِنِ;

<<  <  ج: ص:  >  >>