للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَمَضَى صَاحِبُ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ إِلَيْهِ، فَوَجَدَهُ نَائِمًا، فَقَالَتْ لَهُ الْجَارِيَةُ: مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: ابْنُ سَبِيلٍ وَمُنْقَطَعٌ بِهِ. قَالَتْ: فَحَاجَتُكَ أَيْسَرُ مِنْ إِيقَاظِهِ، هَذَا كِيسٌ فِيهِ سَبْعُمِائَةِ دِينَارٍ مَا فِي دَارِ قَيْسٍ مَالٌ غَيْرُهُ الْيَوْمَ، وَاذْهَبْ إِلَى مَوْلَانَا فِي مَعَاطِنِ الْإِبِلِ، فَخُذْ لَكَ نَاقَةً وَعَبْدًا، وَاذْهَبْ رَاشِدًا. فَلَمَّا اسْتَيْقَظَ قَيْسٌ مِنْ رَقْدَتِهِ أَخْبَرَتْهُ الْجَارِيَةُ بِمَا صَنَعَتْ، فَأَعْتَقَهَا شُكْرًا عَلَى صَنِيعِهَا ذَلِكَ، وَقَالَ: هَلَّا أَيْقَظْتِنِي حَتَّى أُعْطِيَهُ مَا يَكْفِيهِ، فَلَعَلَّ الَّذِي أَعْطَيْتِهِ لَا يَقَعُ مِنْهُ مَوْقِعَ حَاجَتِهِ. وَذَهَبَ صَاحِبُ عَرَابَةَ الْأَوْسِيِّ إِلَيْهِ، فَوَجَدَهُ وَقَدْ خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ يُرِيدُ الصَّلَاةَ، وَهُوَ يَتَوَكَّأُ عَلَى عَبْدَيْنِ، وَقَدْ كُفَّ بَصَرُهُ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَرَابَةُ. فَقَالَ: قُلْ. فَقَالَ: ابْنُ سَبِيلٍ وَمُنْقَطَعٌ بِهِ. قَالَ: فَخَلَّى عَنِ الْعَبْدَيْنِ ثُمَّ صَفَّقَ بِيَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى الْيُسْرَى، ثُمَّ قَالَ: أَوَّهْ أَوَّهْ، وَاللَّهِ مَا أَصْبَحْتُ وَلَا أَمْسَيْتُ وَقَدْ تَرَكَتِ الْحُقُوقُ مِنْ مَالِ عَرَابَةَ شَيْئًا، وَلَكِنْ خُذْهُمَا. يَعْنِي الْعَبْدَيْنِ. فَقَالَ: مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ. فَقَالَ: إِنْ لَمْ تَأْخُذْهُمَا فَهُمَا حُرَّانِ فَإِنْ شِئْتَ فَأَعْتِقْ، وَإِنْ شِئْتَ فَخُذْ. وَأَقْبَلَ يَلْتَمِسُ الْحَائِطَ بِيَدِهِ، قَالَ: فَأَخَذَهُمَا وَجَاءَ بِهِمَا. قَالَ: فَحَكَمَ النَّاسُ عَلَى أَنَّ ابْنَ جَعْفَرٍ قَدْ جَادَ بِمَالٍ عَظِيمٍ، وَأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِمُسْتَنْكَرٍ لَهُ، إِلَّا أَنَّ السَّيْفَ أَجَلُّهَا، وَأَنَّ قَيْسًا أَحَدُ الْأَجْوَادِ ; حَكَّمَ مَمْلُوكَتَهُ فِي مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ، وَاسْتِحْسَانِهِ مَا فَعَلَتْهُ، وَعِتْقِهِ لَهَا وَمَا تَكَلَّمَ بِهِ وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ أَسْخَى الثَّلَاثَةِ عَرَابَةُ الْأَوْسِيُّ ; لِأَنَّهُ جُهْدٌ مِنْ مُقِلٍّ.

وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي صَالِحٍ قَالَ: قَسَّمَ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ مَالَهُ بَيْنَ أَوْلَادِهِ، وَخَرَجَ إِلَى الشَّامِ فَمَاتَ بِهَا، فَوُلِدَ لَهُ وَلَدٌ بَعْدَ وَفَاتِهِ، فَجَاءَ

<<  <  ج: ص:  >  >>