[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ إِحْدَى وَأَرْبَعِينَ وَسِتِّمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا]
فِيهَا تَرَدَّدَتِ الرُّسُلُ بَيْنَ الصَّالِحِ أَيُّوبَ صَاحِبِ مِصْرَ وَبَيْنَ عَمِّهِ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ صَاحِبِ دِمَشْقَ عَلَى أَنْ يَرُدَّ إِلَيْهِ وَلَدَهُ الْمُغِيثَ عُمَرَ بْنَ الصَّالِحِ أَيُّوبَ الْمُعْتَقَلَ فِي قَلْعَةِ دِمَشْقَ، وَتَسْتَقِرُّ دِمَشْقُ فِي يَدِ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ، فَوَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى ذَلِكَ، وَخُطِبَ لِلصَّالِحِ أَيُّوبَ بِدِمَشْقَ، فَخَافَ الْوَزِيرُ أَمِينُ الدَّوْلَةِ أَبُو الْحَسَنِ غَزَّالٌ الْمَسْلَمَانِيُّ، وَزِيرُ الصَّالِحِ إِسْمَاعِيلَ مِنْ غَائِلَةِ هَذَا الْأَمْرِ، فَقَالَ لِمَخْدُومِهِ: لَا تَرُدَّ هَذَا الْغُلَامَ إِلَى أَبِيهِ تَخْرُجُ الْبِلَادُ مِنْ يَدِكَ، هَذَا خَاتَمُ سُلَيْمَانَ فِي يَدِكَ لِلْبِلَادِ. فَعِنْدَ ذَلِكَ أَبْطَلَ مَا كَانَ وَقَعَ مِنَ الصُّلْحِ، وَرَدَّ الْغُلَامَ إِلَى الْقَلْعَةِ، وَقُطِعَتِ الْخُطْبَةُ لِلصَّالِحِ أَيُّوبَ، وَوَقَعَتِ الْوَحْشَةُ بَيْنَ الْمَلِكَيْنِ، وَأَرْسَلَ الصَّالِحُ أَيُّوبُ إِلَى الْخُوَارَزْمِيَّةِ يَسْتَحْضِرُهُمْ لِحِصَارِ دِمَشْقَ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَكَانَتِ الْخُوَارَزْمِيَّةُ قَدْ فَتَحُوا فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِلَادَ الرُّومِ، وَأَخَذُوهَا مِنْ أَيْدِي مَلِكِهَا ابْنِ عَلَاءِ الدِّينِ، وَكَانَ قَلِيلَ الْعَقْلِ يَلْعَبُ بِالْكِلَابِ وَالسِّبَاعِ، وَيُسَلِّطُهَا عَلَى النَّاسِ، فَاتَّفَقَ أَنَّهُ عَضَّهُ سَبُعٌ فَمَاتَ، فَتَغَلَّبُوا عَلَى الْبِلَادِ حِينَئِذٍ.
وَفِيهَا احْتِيطَ عَلَى أَعْوَانِ الْقَاضِي الرَّفِيعِ الْجِيلِيِّ، وَضُرِبَ بَعْضُهُمْ بِالْمَقَارِعِ وَصُودِرُوا، وَرُسِمَ عَلَى الْقَاضِي الرَّفِيعِ بِالْمَدْرَسَةِ الْمُقَدَّمِيَّةِ دَاخِلَ بَابِ الْفَرَادِيسِ، ثُمَّ أُخْرِجَ لَيْلًا وَذُهِبَ بِهِ، فَسُجِنَ بِمَغَارَةِ أَفْقَهَ مِنْ نَوَاحِي الْبِقَاعِ، ثُمَّ انْقَطَعَ خَبَرُهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute