[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّمِائَةٍ]
[الْأَحْدَاثُ الْوَاقِعَةُ فِيهَا]
فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَمَّ الْبَلَاءُ، وَعَظُمَ الْعَزَاءُ بِجِنْكِزْخَانَ الْمُسَمَّى بِتَمُوجِينَ، لَعَنَهُ اللَّهُ تَعَالَى، وَبِمَنْ مَعَهُ مِنَ التَّتَارِ قَبَّحَهُمُ اللَّهُ أَجْمَعِينَ، وَاسْتَفْحَلَ أَمْرُهُمْ، وَامْتَدَّ إِفْسَادُهُمْ مِنْ أَقْصَى بِلَادِ الصِّينِ إِلَى أَنْ وَصَلُوا بِلَادَ الْعِرَاقِ وَمَا حَوْلَهَا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى إِرْبِلَ وَأَعْمَالِهَا، فَمَلَكُوا فِي سَنَةٍ وَاحِدَةٍ - وَهِيَ هَذِهِ السَّنَةُ - سَائِرَ الْمَمَالِكِ إِلَّا الْعِرَاقَ وَالْجَزِيرَةَ وَالشَّامَ وَمِصْرَ، وَقَهَرُوا جَمِيعَ الطَّوَائِفِ الَّتِي بِتِلْكَ النَّوَاحِي; الْخُوَارَزْمِيَّةِ وَالْقَفْجَاقِ وَالْكُرْجِ وَاللَّانِ وَالْخَزَرِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَتَلُوا فِي هَذِهِ السَّنَةِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ فِي بُلْدَانٍ مُتَعَدِّدَةٍ كِبَارٍ وَصِغَارٍ مَا لَا يُحَدُّ وَلَا يُوصَفُ، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَمْ يَدْخُلُوا بَلَدًا إِلَّا قَتَلُوا جَمِيعَ مَنْ فِيهِ مِنَ الْمُقَاتِلَةِ وَالرِّجَالِ، وَكَثِيرًا مِنَ النِّسَاءِ وَالْأَطْفَالِ، وَأَتْلَفُوا مَا فِيهِ بِالنَّهْبِ إِنِ احْتَاجُوا إِلَيْهِ، وَبِالْحَرِيقِ إِنْ لَمْ يَحْتَاجُوا إِلَيْهِ، حَتَّى إِنَّهُمْ كَانُوا يَجْمَعُونَ الْحَرِيرَ الْكَثِيرَ الَّذِي يَعْجِزُونَ عَنْ حَمْلِهِ فَيُطْلِقُونَ فِيهِ النَّارَ وَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ، وَيُخَرِّبُونَ الْمَنَازِلَ، وَمَا عَجَزُوا عَنْ تَخْرِيبِهِ أَحْرَقُوهُ، وَأَكْثَرُ مَا يُحْرِقُونَ الْمَسَاجِدَ وَالْجَوَامِعَ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى، وَكَانُوا يَأْخُذُونَ الْأُسَارَى مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَيُقَاتِلُونَ بِهِمْ، وَيُحَاصِرُونَ بِهِمْ، وَإِنْ لَمْ يَنْصَحُوا فِي الْقِتَالِ قَتَلُوهُمْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute