" هَذَا بَعِيرٌ هَمَّ أَهْلُهُ بِنَحْرِهِ، فَهَرَبَ مِنْهُمْ فَاسْتَغَاثَ بِنَبِيِّكُمْ ". فَبَيْنَا نَحْنُ كَذَلِكَ إِذْ أَقْبَلُ أَصْحَابُهُ يَتَعَادَوْنَ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمُ الْبَعِيرُ عَادَ إِلَى هَامَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا بَعِيرُنَا هَرَبَ مِنَّا مُنْذُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، فَلَمْ نَلْقَهُ إِلَّا بَيْنَ يَدَيْكَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَشْكُو مُرَّ الشِّكَايَةِ ". فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَقُولُ؟ قَالَ: " يَقُولُ: إِنَّهُ رُبِّيَ فِي إِبِلِكُمْ حُوَارًا، وَكُنْتُمْ تَحْمِلُونَ عَلَيْهِ فِي الصَّيْفِ إِلَى مَوْضِعِ الْكَلَأِ، فَإِذَا كَانَ الشِّتَاءُ رَحَلْتُمْ إِلَى مَوْضِعِ الدَّفَأِ ". فَقَالُوا: قَدْ كَانَ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ: " مَا جَزَاءُ الْعَبْدِ الصَّالِحِ مِنْ مَوَالِيهِ؟ " قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّا لَا نَبِيعُهُ وَلَا نَنْحَرُهُ. قَالَ: " فَقَدِ اسْتَغَاثَ فَلَمْ تُغِيثُوهُ، وَأَنَا أَوْلَى بِالرَّحْمَةِ مِنْكُمْ ; لَأَنَّ اللَّهَ نَزَعَ الرَّحْمَةَ مِنْ قُلُوبِ الْمُنَافِقِينَ، وَأَسْكَنَهَا فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ ". فَاشْتَرَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِائَةِ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ: " أَيُّهَا الْبَعِيرُ، انْطَلِقْ فَأَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللَّهِ ". فَرَغَا عَلَى هَامَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " آمِينَ ". ثُمَّ رَغَا الثَّانِيَةَ، فَقَالَ: " آمِينَ "، ثُمَّ رَغَا الثَّالِثَةَ، فَقَالَ: " آمِينَ "، ثُمَّ رَغَا الرَّابِعَةَ، فَبَكَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا يَقُولُ هَذَا الْبَعِيرُ؟ قَالَ: " يَقُولُ: جَزَاكَ اللَّهُ أَيُّهَا النَّبِيُّ عَنِ الْإِسْلَامِ وَالْقُرْآنِ خَيْرًا. قُلْتُ: آمِينَ. قَالَ سَكَّنَ اللَّهُ رُعْبَ أُمَّتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا سَكَّنْتَ رُعْبِي. قُلْتُ: آمِينَ. قَالَ: حَقَنَ اللَّهُ دِمَاءَ أُمَّتِكَ مِنْ أَعْدَائِهَا كَمَا حَقَنْتَ دَمِي. قُلْتُ: آمِينَ. قَالَ لَا جَعَلَ اللَّهُ بِأَسَهَا بَيْنَهَا. فَبَكَيْتُ وَقُلْتُ: هَذِهِ خِصَالٌ ثَلَاثٌ سَأَلْتُ رَبِّي فَأَعْطَانِيهَا وَمَنَعَنِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute