[ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ سَبْعٍ وَتِسْعِينَ وَخَمْسِمِائَةٍ]
[مَا وَقَعَ فِيهَا مِنَ الْأَحْدَاثِ]
فِيهَا اشْتَدَّ الْغَلَاءُ بِأَرْضِ مِصْرَ جِدًّا، فَهَلَكَ خَلْقٌ كَثِيرٌ جِدًّا مِنَ الْفُقَرَاءِ وَالْأَغْنِيَاءِ، ثُمَّ أَعْقَبَهُ فَنَاءٌ عَظِيمٌ، حَتَّى حَكَى الشَّيْخُ أَبُو شَامَةَ فِي " الذَّيْلِ " أَنَّ الْعَادِلَ كَفَّنَ مِنْ مَالِهِ فِي مُدَّةِ شَهْرٍ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ نَحْوًا مِنْ مِائَتَيْ أَلْفٍ وَعِشْرِينَ أَلْفَ مَيِّتٍ، وَأُكِلَتِ الْكِلَابُ وَالْمَيْتَاتُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ بِمِصْرَ، وَأُكِلَ مِنَ الصِّغَارِ وَالْأَطْفَالِ خَلْقٌ كَثِيرٌ، يَشْوِيهِ وَالِدَاهُ وَيَأْكُلَانِهِ، وَكَثُرَ هَذَا فِي النَّاسِ حَتَّى صَارَ لَا يُنْكَرُ بَيْنَهُمْ، ثُمَّ صَارُوا يَحْتَالُونَ عَلَى بَعْضِهِمْ بَعْضًا فَيَأْكُلُونَ مَنْ يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ، وَمَنْ غَلَبَ مِنْ قَوِيٍّ ضَعِيفًا ذَبَحَهُ وَأَكَلَهُ.
وَكَانَ الرَّجُلُ يُضِيفُ صَاحِبَهُ فَإِذَا خَلَا بِهِ ذَبَحَهُ وَأَكَلَهُ، وَوُجِدَ عِنْدَ بَعْضِهِمْ أَرْبَعُمِائَةِ رَأْسٍ.
وَهَلَكَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَطِبَّاءِ الَّذِينَ يُسْتَدْعُونَ إِلَى الْمَرْضَى، فَيُذْبَحُونَ وَيُؤَكَلُونَ ; وِقَدِ اسْتَدْعَى رَجُلٌ طَبِيبًا فَخَافَ الطَّبِيبُ وَذَهَبَ مَعَهُ عَلَى وَجَلٍ، فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَتَصَدَّقُ عَلَى مَنْ وَجَدَهُ فِي الطَّرِيقِ وَيَذْكُرُ وَيُسَبِّحُ، وَيُكْثِرُ مِنْ ذَلِكَ، فَارْتَابَ بِهِ الطَّبِيبُ وَتَخَيَّلَ، وَمَعَ هَذَا حَمَلَهُ الطَّمَعُ عَلَى الِاسْتِمْرَارِ مَعَهُ، فَلَمَّا وَصَلَ إِلَى الدَّارِ إِذَا هِيَ خَرِبَةٌ فَارْتَابَ أَيْضًا، فَخَرَجَ رَجُلٌ مِنَ الدَّارِ، فَقَالَ لِصَاحِبِهِ: وَمَعَ هَذَا الْبُطْءِ جِئْتَ لَنَا بِصَيْدٍ. فَلَمَّا سَمِعَهَا الطَّبِيبُ هَرَبَ، فَخَرَجَا خَلْفَهُ سِرَاعًا فَمَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute