للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْبَابَ، فَقَالَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ: ضَعُونِي عَلَى تُرْسٍ، وَاحْمِلُونِي عَلَى رُءُوسِ الرِّمَاحِ، ثُمَّ أَلْقُونِي مِنْ أَعْلَاهَا دَاخِلَ الْبَابِ. فَفَعَلُوا ذَلِكَ وَأَلْقَوْهُ عَلَيْهِمْ، فَوَقَعَ وَقَامَ وَقَاتَلَ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى قَتَلَ عَشَرَةً أَوْ أَكْثَرَ، وَفَتَحَ الْبَابَ لِلْمُسْلِمِينَ، فَكَانَ سَبَبَ هَلَاكِ الْمُشْرِكِينَ وَقَتْلِ مُسَيْلِمَةَ.

قُلْتُ: وَقَدْ ذَكَرْتُ ذَلِكَ مُسْتَقْصًى فِي أَيَّامِ الصِّدِّيقِ حِينَ بَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ لِقِتَالِ مُسَيْلِمَةَ وَبَنِي حَنِيفَةَ، وَكَانُوا فِي قَرِيبٍ مِنْ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ بِضْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، فَلَمَّا الْتَقَوْا جَعَلَ كَثِيرٌ مِنَ الْأَعْرَابِ يَفِرُّونَ، فَقَالَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ: أَخْلِصْنَا يَا خَالِدُ. فَمَيَّزَهُمْ عَنْهُمْ، فَكَانَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ قَرِيبًا مِنْ أَلْفَيْنِ وَخَمْسِمِائَةٍ، فَصَمَّمُوا الْحَمْلَةَ وَجَعَلُوا يَتَذَامَرُونَ وَيَقُولُونَ: يَا أَصْحَابَ سُورَةِ " الْبَقَرَةِ " بَطَلَ السِّحْرُ الْيَوْمَ. فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَأَلْجَأُوهُمْ إِلَى حَدِيقَةٍ هُنَالِكَ - وَتُسَمَّى حَدِيقَةُ الْمَوْتِ - فَتَحَصَّنُوا بِهَا، فَحَصَرُوهُمْ فِيهَا، فَفَعَلَ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ أَخُو أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، وَكَانَ الْأَكْبَرَ، مَا ذُكِرَ مِنْ رَفْعِهِ عَلَى تُرْسِهِ فَوْقَ الرِّمَاحِ حَتَّى تَمَكَّنَ مِنْ أَعْلَى سُورِهَا، ثُمَّ أَلْقَى نَفْسَهُ عَلَيْهِمْ وَنَهَضَ سَرِيعًا إِلَيْهِمْ، وَلَمْ يَزَلْ يُقَاتِلُهُمْ وَحْدَهُ وَيُقَاتِلُونَهُ حَتَّى تَمَكَّنَ مِنْ فَتْحِ بَابِ الْحَدِيقَةِ، وَدَخَلَ الْمُسْلِمُونَ يُكَبِّرُونَ وَانْتَهَوْا إِلَى قَصْرِ مُسَيْلِمَةَ وَهُوَ وَاقِفٌ خَارِجَهُ عِنْدَ ثُلْمَةِ جِدَارٍ، كَأَنَّهُ جَمَلٌ أَوْرَقَ، أَيْ مِنْ سُمْرَتِهِ، فَابْتَدَرَهُ وَحْشِيُّ بْنُ حَرْبٍ الْأَسْوَدُ قَاتِلُ حَمْزَةَ بِحَرْبَتِهِ، وَأَبُو دُجَانَةَ سِمَاكُ بْنُ خَرَشَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>