للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ وَمِائَةٍ

فِيهَا تَكَامَلَ بِنَاءُ قَصْرِ الْمَنْصُورِ الْمُسَمَّى بِالْخُلْدِ، وَسَكَنَهُ أَيَّامًا يَسِيرَةً، ثُمَّ مَاتَ وَتَرَكَهُ.

وَفِيهَا مَاتَ طَاغِيَةُ الرُّومِ.

وَفِيهَا وَجَّهَ الْمَنْصُورُ ابْنَهُ الْمَهْدِيَّ إِلَى الرَّقَّةِ، وَأَمَرَهُ بِعَزْلِ مُوسَى بْنِ كَعْبٍ عَنِ الْمَوْصِلِ، وَأَنْ يُوَلِّيَ عَلَيْهَا خَالِدَ بْنَ بَرْمَكَ، وَكَانَ ذَلِكَ بَعْدَ نُكْتَةٍ غَرِيبَةٍ اتَّفَقَتْ لِيَحْيَى بْنِ خَالِدٍ; وَذَلِكَ أَنَّ الْمَنْصُورَ كَانَ قَدْ تَغَضَّبَ عَلَى خَالِدِ بْنِ بَرْمَكَ، وَأَلْزَمَهُ بِحَمْلِ ثَلَاثَةِ آلَافِ أَلْفٍ، فَضَاقَ ذَرْعًا بِذَلِكَ، وَلَمْ يَبْقَ لَهُ مَالٌ وَلَا حَالٌ، وَعَجَزَ عَنْ أَكْثَرِ مَا طُلِبَ مِنْهُ، وَقَدْ أَجَّلَهُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلْ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ فَدَمُهُ هَدْرٌ، فَجَعَلَ يُرْسِلُ ابْنَهُ يَحْيَى إِلَى أَصْحَابِهِ مِنَ الْأُمَرَاءِ يَسْتَقْرِضُ مِنْهُمْ، فَكَانَ مِنْهُمْ مَنْ أَعْطَاهُ الْمِائَةَ أَلْفٍ، وَمِنْهُمْ أَقَلَّ وَأَكْثَرَ.

قَالَ يَحْيَى بْنُ خَالِدٍ: فَبَيْنَا أَنَا ذَاتَ يَوْمٍ مِنْ تِلْكَ الْأَيَّامِ عَلَى جِسْرِ بَغْدَادَ، وَأَنَا مَهْمُومٌ فِي تَحْصِيلِ مَا طُلِبَ مَنَّا وَلَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ، إِذْ وَثَبَ إِلَيَّ زَاجِرٌ - يَعْنِي مِنْ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَكُونُونَ عِنْدَ الْجِسْرِ مِنَ الطُّرُقِيَّةِ - فَقَالَ لِي: أَبْشِرْ. فَلَمْ أَلْتَفِتْ إِلَيْهِ، فَتَقَدَّمَ حَتَّى أَخَذَ بِلِجَامِ فَرَسِي، ثُمَّ قَالَ لِي: أَنْتَ مَهْمُومٌ، وَاللَّهِ لَيُفَرِّجَنَّ اللَّهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>