للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّاسِبِيُّ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ جَرِيرٍ: عِيسَى بْنُ مَازِنٍ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: وَهُوَ رَجُلٌ مَجْهُولٌ، وَهَذَا الْحَدِيثُ غَرِيبٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ. فَقَوْلُهُ: إِنَّ يُوسُفَ هَذَا مَجْهُولٌ. مُشْكِلٌ; وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ أَنَّهُ مَجْهُولُ الْحَالِ، فَإِنَّهُ قَدْ رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ، مِنْهُمْ: حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، وَخَالِدٌ الْحَذَّاءُ، وَيُونُسُ بْنُ عُبَيْدٍ. وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ هُوَ مَشْهُورٌ. وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ قَالَ: هُوَ ثِقَةٌ. فَارْتَفَعَتِ الْجَهَالَةُ عَنْهُ مُطْلَقًا.

قُلْتُ: وَلَكِنْ فِي شُهُودِهِ قَضِيَّةَ الْحَسَنِ وَمُعَاوِيَةَ نَظَرٌ، وَقَدْ يَكُونُ أَرْسَلَهَا عَمَّنْ لَا يُعْتَمَدُ عَلَيْهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ سَأَلْتُ شَيْخَنَا الْحَافِظَ أَبَا الْحَجَّاجِ الْمِزِّيَّ، رَحِمَهُ اللَّهُ، عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ فَقَالَ: هُوَ حَدِيثٌ مُنْكَرٌ.

وَأَمَّا قَوْلُ الْقَاسِمِ بْنِ الْفَضْلِ، رَحِمَهُ اللَّهُ: إِنَّهُ حَسَبَ دَوْلَةَ بَنِي أُمَيَّةَ، فَوَجَدَهَا أَلِفَ شَهْرٍ، لَا تَزِيدُ يَوْمًا وَلَا تَنْقُصُهُ. فَهُوَ غَرِيبٌ جِدًّا، وَفِيهِ نَظَرٌ; وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ إِدْخَالُ دَوْلَةِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، وَكَانَتْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ سَنَةً، فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، لَا مِنْ حَيْثُ الصُّورَةِ، وَلَا مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى; وَذَلِكَ أَنَّهَا مَمْدُوحَةٌ; لِأَنَّهُ أَحَدُ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ وَالْأَئِمَّةِ الْمَهْدِيِّينَ، الَّذِينَ قَضَوْا بِالْحَقِّ، وَبِهِ كَانُوا يَعْدِلُونَ، وَهَذَا الْحَدِيثُ إِنَّمَا سِيقَ لِذَمِّ دَوْلَتِهِمْ، وَفِي دَلَالَةِ الْحَدِيثِ عَلَى الذَّمِّ نَظَرٌ، وَذَلِكَ أَنَّهُ دَلَّ عَلَى أَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرِ الَّتِي هِيَ دَوْلَتُهُمْ، وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةٌ خَيِّرَةٌ، عَظِيمَةُ الْمِقْدَارِ وَالْبَرَكَةِ، كَمَا وَصَفَهَا اللَّهُ تَعَالَى بِهِ، فَمَا يَلْزَمُ مِنْ تَفْضِيلِهَا عَلَى دَوْلَتِهِمْ ذَمُّ دَوْلَتِهِمْ، فَلْيُتَأَمَّلْ هَذَا; فَإِنَّهُ دَقِيقٌ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْحَدِيثَ

<<  <  ج: ص:  >  >>