للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَشْتَرُ يَتَمَلْمَلُ وَيَقُولُ: وَيْحَكَ! أَلَا تَرَى مَا نَحْنُ فِيهِ مِنَ النَّصْرِ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْقَلِيلُ؟ فَقُلْتُ: أَيُّمَا أَحَبُّ إِلَيْكَ ; أَنْ تَرْجِعَ أَوْ يَقْتَلَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ كَمَا قُتِلَ عُثْمَانُ؟ ثُمَّ مَاذَا تُغْنِي عَنْكَ نَصْرَتُكُ هَاهُنَا؟ قَالَ: فَأَقْبَلَ الْأَشْتَرُ إِلَى عَلِيٍّ وَتَرَكَ الْقِتَالَ، فَقَالَ الْأَشْتَرُ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ، يَا أَهْلَ الذُّلِّ وَالْوَهْنِ، أَحِينَ عَلَوْتُمُ الْقَوْمَ، وَظَهَرْتُمْ وَظَنُّوا أَنَّكُمْ لَهُمْ قَاهِرُونَ ; رَفَعُوا الْمَصَاحِفَ يَدْعُونَكُمْ إِلَى مَا فِيهَا، وَقَدْ وَاللَّهِ تَرَكُوا مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ فِيهَا، وَسُنَّةَ مَنْ أُنْزِلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ، فَلَا تُجِيبُوهُمْ، أَمْهِلُونِي فَإِنِّي قَدْ أَحْسَسْتُ بِالْفَتْحِ. قَالُوا: لَا. قَالَ: أَمْهِلُونِي عَدْوَ الْفَرَسِ فَإِنِّي قَدْ طَمِعْتُ فِي النَّصْرِ. قَالُوا: إِذًا نَدْخُلُ مَعَكَ فِي خَطِيئَتِكَ. ثُمَّ أَخَذَ الْأَشْتَرُ يُنَاظِرُ أُولَئِكَ الْقُرَّاءَ الدَّاعِينَ إِلَى إِجَابَةِ أَهْلِ الشَّامِ بِمَا حَاصِلُهُ: إِنْ كَانَ أَوَّلُ قِتَالِكُمْ لِهَؤُلَاءِ حَقًّا فَاسْتَمِرُّوا عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا فَاشْهَدُوا لِقَتْلَاكُمْ بِالنَّارِ. فَقَالُوا: دَعْنَا مِنْكَ فَإِنَّا لَا نُطِيعُكَ وَلَا صَاحِبَكَ أَبَدًا، وَنَحْنُ قَاتَلْنَا هَؤُلَاءِ فِي اللَّهِ وَتَرَكْنَا قِتَالَهُمْ لِلَّهِ. فَقَالَ لَهُمُ الْأَشْتَرُ: خُدِعْتُمْ وَاللَّهِ فَانْخَدَعْتُمْ، وَدُعِيتُمْ إِلَى وَضْعِ الْحَرْبِ فَأَجَبْتُمْ يَا أَصْحَابَ السُّوءِ، كُنَّا نَظُنُّ صَلَاتَكُمْ زَهَادَةً فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>