للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدُّنْيَا وَشَوْقًا إِلَى لِقَاءِ اللَّهِ، فَلَا أَرَى فِرَارَكُمْ إِلَّا إِلَى الدُّنْيَا مِنَ الْمَوْتِ، يَا أَشْبَاهَ النِّيبِ الْجَلَّالَةِ، مَا أَنْتُمْ بِرَبَّانِيِّينَ بَعْدَهَا، فَابْعُدُوا كَمَا بَعِدَ الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ. فَسَبُّوهُ وَسَبَّهُمْ فَضَرَبُوا وَجْهَ دَابَّتِهِ بِسِيَاطِهِمْ، وَجَرَتْ بَيْنَهُمْ أُمُورٌ طَوِيلَةٌ، وَرَغِبَ أَكْثَرُ النَّاسِ مِنَ الْعِرَاقِيِّينَ وَالشَّامِيِّينَ بِكَمَالِهِمْ إِلَى الْمُصَالَحَةِ وَالْمُسَالَمَةِ مُدَّةً لَعَلَّهُمْ يَتَّفِقُونَ عَلَى أَمْرٍ يَكُونُ فِيهِ مَصْلَحَةٌ لِحَقْنِ دِمَاءِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ تَفَانَوْا فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ، وَلَا سِيَّمَا فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَيَّامِ الْمُتَأَخِّرَةِ الَّتِي كَانَ آخِرُهَا لَيْلَةَ الْجُمُعَةُ، وَهِيَ لَيْلَةُ الْهَرِيرِ. وَقَدْ صَبَرَ كُلٌّ مِنَ الْجَيْشَيْنِ لِلْآخَرِ صَبْرًا لَمْ يُرَ مِثْلَهُ لِمَا كَانَ فِيهِمْ مِنَ الشُّجْعَانِ وَالْأَبْطَالِ مَا لَيْسَ يُوجَدُ مِثْلُهُمْ فِي الدُّنْيَا، وَلِهَذَا لَمْ يَفِرَّ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ بَلْ صَبَرُوا حَتَّى قُتِلَ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ - فِيمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ - سَبْعُونَ أَلْفًا ; خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفًا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ وَخَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ. قَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ ; مِنْهُمْ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، وَسَيْفٌ وَغَيْرُهُ. وَزَادَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْبَرَاءِ: وَكَانَ فِي أَهْلِ الْعِرَاقِ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ

<<  <  ج: ص:  >  >>