ذَلِكَ إِلَى النَّارِ إِنْ كَانَ صَادِقًا، وَلَوْ فُرِضَ أَنَّ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْبِدَعِ دَخَلَ النَّارَ بَعْدَ أَنْ يَغْتَسِلَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَدُلُّ عَلَى صَلَاحِهِ، وَلَا عَلَى كَرَامَتِهِ، بَلْ حَالُهُ مِنْ أَحْوَالِ الدَّجَاجِلَةِ الْمُخَالِفَةِ لِلشَّرِيعَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ، إِذَا كَانَ صَاحِبُهَا عَلَى السُّنَّةِ، فَمَا الظَّنُّ بِخِلَافِ ذَلِكَ! فَابْتَدَرَ شَيْخُ الْمُنَيْبِعِ الشَّيْخُ صَالِحٌ، وَقَالَ: نَحْنُ أَحْوَالُنَا إِنَّمَا تَنْفَقُ عِنْدَ التَّتَرِ، لَيْسَتْ تَنْفَقُ عِنْدَ الشَّرْعِ. فَضَبَطَ الْحَاضِرُونَ عَلَيْهِ تِلْكَ الْكَلِمَةَ، وَكَثُرَ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ أَحَدٍ، ثُمَّ اتَّفَقَ الْحَالُ عَلَى أَنَّهُمْ يَخْلَعُونَ الْأَطْوَاقَ الْحَدِيدَ مِنْ رِقَابِهِمْ، وَأَنَّ مَنْ خَرَجَ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ.
وَصَنَّفَ الشَّيْخُ جُزْءًا فِي طَرِيقَةِ الْأَحْمَدِيَّةِ، وَبَيَّنَ فِيهِ فَسَادَ أَحْوَالِهِمْ، وَمَسَالِكِهِمْ، وَتَخَيُّلَاتِهِمْ، وَمَا فِي طَرِيقَتِهِمْ مِنْ مَقْبُولٍ وَمَرْدُودٍ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَظْهَرَ اللَّهُ السُّنَّةَ عَلَى يَدَيْهِ، وَأَخْمَدَ بِدْعَتَهُمْ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ.
وَفِي الْعَشْرِ الْأَوْسَطِ مِنْ هَذَا الشَّهْرِ خُلِعَ عَلَى عَلَاءِ الدِّينِ بْنِ مَعْبَدٍ، وَعِزِّ الدِّينِ خَطَّابٍ، وَسَيْفِ الدِّينِ بَكْتَمُرَ مَمْلُوكِ بَكْتَاشَ الْحُسَامِيِّ بِالْإِمْرَةِ، وَلَبِسُوا التَّشَارِيفَ، وَرَكِبُوا بِهَا، وَسَلَّمُوا إِلَيْهِمْ جَبَلَ الْجُرْدِ، وَالْكَسْرَوَانِ، وَالْبِقَاعِ.
وَفِي يَوْمِ الْخَمِيسِ ثَالِثِ رَجَبٍ خَرَجَ النَّاسُ لِلِاسْتِسْقَاءِ إِلَى سَطْحِ الْمِزَّةِ، وَنَصَبُوا هُنَاكَ مِنْبَرًا، وَخَرَجَ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ، وَجَمِيعُ النَّاسِ مِنَ الْقُضَاةِ، وَالْعُلَمَاءِ، وَالْفُقَرَاءِ، وَكَانَ مَشْهَدًا هَائِلًا، وَخُطْبَةً عَظِيمَةً فَصِيحَةً، فَاسْتَسْقَوْا فَلَمْ يُسْقَوْا يَوْمَهُمْ ذَلِكَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute