للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ارْفَعْهُ عَلَيَّ قَالَ: " لَا أَفْعَلُ ". فَقَالَ: مُرْ بَعْضَهُمْ لِيَرْفَعَهُ عَلَيَّ. فَقَالَ: " لَا " فَوَضَعَ مِنْهُ شَيْئًا. ثُمَّ عَادَ، فَلَمْ يَقْدِرْ، فَسَأَلَهُ أَنْ يَرْفَعَهُ أَوْ أَنْ يَأْمُرَ بَعْضَهُمْ يَرْفَعُهُ، فَلَمْ يَفْعَلْ، فَوَضَعَ مِنْهُ، ثُمَّ احْتَمَلَ الْبَاقِيَ، وَخَرَجَ بِهِ مِنَ الْمَسْجِدِ وَرَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُتْبِعُهُ بَصَرَهُ عَجَبًا مِنْ حِرْصِهِ.» قُلْتُ: وَقَدْ كَانَ الْعَبَّاسُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ رَجُلًا شَدِيدًا طَوِيلًا نَبِيلًا، فَأَقَلُّ مَا احْتَمَلَ شَيْءٌ يُقَارِبُ أَرْبَعِينَ أَلْفًا. وَاللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَدْ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي " صَحِيحِهِ " فِي مَوَاضِعَ مُعَلِّقًا بِصِيغَةِ الْجَزْمِ، وَهَذَا يُورَدُ فِي مَنَاقِبِ الْعَبَّاسِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنفال: ٧٠] وَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ خَادِمِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ أَنَّهُ قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ» . الْحَدِيثَ. وَكَيْفَ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ، وَهُوَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَجْبُولُ عَلَى أَكْمَلِ الصِّفَاتِ، الْوَاثِقُ بِمَا فِي يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، الَّذِي أَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالِي عَلَيْهِ فِي مُحْكَمِ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ: {وَمَا لَكُمْ أَلَّا تُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الحديد: ١٠] الْآيَةَ؟! [الْحَدِيدِ: ١٠] . وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ: ٣٩] .

وَهُوَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ الْقَائِلُ لِمُؤَذِّنِهِ بِلَالٍ، وَهُوَ الصَّادِقُ الْمَصْدُوقُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>