، فَلَمَّا ذَهَبَ النَّاسُ اسْتَأْذَنَ عَلِيٌّ أَبَا بَكْرٍ، ﵄، فِي أَنْ يُكَلِّمَ أَسْمَاءَ مِنْ وَرَاءِ السِّتْرِ، فَأَذِنَ لَهُ، فَلَمَّا اقْتَرَبَ مِنَ السِّتْرِ نَفَحَهُ رِيحُ طِيبِهَا، فَقَالَ لَهَا عَلِيٌّ، عَلَى وَجْهِ الْبَسْطِ: مَنِ الْقَائِلَةُ فِي شِعْرِهَا:
فَآلَيْتُ لَا تَنْفَكُّ نَفْسِي حَزِينَةً … عَلَيْكَ وَلَا يَنْفَكُّ جِلْدِيَ أَغْبَرَا
قَالَتْ: دَعْنَا مِنْكَ يَا أَبَا الْحَسَنِ، فَإِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ دُعَابَةٌ. فَوَلَدَتْ لِلصِّدِّيقِ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي بَكْرٍ، وَلَدَتْهُ بِالشَّجَرَةِ بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ ذَاهِبٌ إِلَى حِجَّةِ الْوَدَاعِ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَغْتَسِلَ وَتُهِلَّ، وَسَيَأْتِي فِي مَوْضِعِهِ، ثُمَّ لَمَّا تُوُفِّيَ الصِّدِّيقُ، تَزَوَّجَهَا بَعْدَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، وَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا، ﵁ وَعَنْهَا وَعَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
فَصْلٌ اسْتِقْبَالُ رَسُولِ اللَّهِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: فَحَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: فَلَمَّا دَنَوْا مِنَ الْمَدِينَةِ تَلَقَّاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ وَالْمُسْلِمُونَ، قَالَ: وَلَقِيَهُمُ الصِّبْيَانُ يَشْتَدُّونَ، وَرَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُقْبِلٌ مَعَ الْقَوْمِ عَلَى دَابَّةٍ، فَقَالَ: «خُذُوا الصِّبْيَانَ فَاحْمِلُوهُمْ وَأَعْطُونِي ابْنَ جَعْفَرٍ». فَأُتِيَ بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ، فَأَخَذَهُ فَحَمَلَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ. قَالَ: وَجَعَلَ النَّاسُ يَحْثُونَ عَلَى الْجَيْشِ التُّرَابِ وَيَقُولُونَ: يَا فُرَّارُ، فَرَرْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ؟! قَالَ: فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَيْسُوا بِالْفُرَّارِ، وَلَكِنَّهُمُ الْكُرَّارُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَهَذَا مُرْسَلٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute